أتر

دفتر أحوال السودان (83): من ود مدني، والأبيّض، والجزيرة أبا

ود مدني: في مهبّ الأزمات

ولاية الجزيرة – رغم قربها من النيل الأزرق، ظلَّت مدينة ود مدني تعاني من شحّ المياه في بعض أحيائها قبل الحرب، واشتدت الأزمة بعد عمليات التخريب التي ارتكبتها الدعم السريع أثناء سيطرتها على المدينة لأكثر من سنة، كما أوضح المهندس بدر الدين عبد الله عبد الوهاب مدير عام هيئة مياه ولاية الجزيرة، في حديثه لـمراسلة «أتَـر»، قائلاً إن التخريب قد طال مرافق المياه ومحطات التنقية بفقدان جميع الطلمبات، فضلاً عن إتلاف الكوابل والمحولات الكهربائية. وأضاف أن كثيراً من المواطنين قد لجأوا إلى حفر الشوارع للوصول إلى الخطوط الرئيسة للمياه، أثناء سيطرة الدعم السريع على المدينة.

وبعد شهر من سيطرة الجيش على ود مدني في 11 يناير 2024، جرى تشغيل محطة المياه، إضافة إلى الآبار الجوفية وتوفير وحدات الطاقة الشمسية بتركيب أكثر من 100 وحدة داخل المدينة لتوفير المياه، بحسب مدير عام هيئة المياه، الذي ذكر أن المدينة تعتمد على محطة التنقية الرئيسة، وتنتج تقريباً 20 ألف متر مكعب في اليوم، إضافة إلى الآبار الجوفية المُوزَّعة على الأحياء ويبلغ عددها 109 آبار.

رغم ذلك لا يزال السكان يعتمدون على المياه التي تُباع بالبراميل، والتي تحتاج إلى ميزانية يومية، خاصةً للأسر الكبيرة. وتُضخّ المياه إلى الأحياء الشرقية لمدة يومين في الأسبوع أو بحسب توفر كمية الجاز لتشغيل مولدات البيارات، بينما يعاني سكان الأحياء الغربية ووسط المدينة من انعدام المياه، ما أثار سخطاً واسعاً وسط السكان، الذين يعزون انقطاع المياه إلى وجود عدد من الحفر في الأحياء حفرها المواطنون خلال فترة استيلاء الدعم السريع على المدينة، وتسببت في انقطاع المياه عن عدد كبير من المنازل. 

ويسهم عدم استقرار الإمداد الكهربائي كذلك في تأزيم الوضع، كما أكد مدير عام هيئة مياه ولاية الجزيرة، الذي طالب بمزيد من المساعدات لتعويض ما فُقِد طوال الفترة الماضية، مؤكداً أن جهدهم خلال هذه الفترة ينصبُّ على توفير المياه الصالحة للشرب بمدينة ود مدني وبولاية الجزيرة بكاملها.

تقضي فاطمة عبد الله، من سكان الأحياء الغربية من مدينة ود مدني، نصف يومها في صف طويل تحت شمس الصيف الحارقة، للحصول على المياه. تقول لمراسلة «أتَـر» إن أزمة المياه باتت ترهق الجميع ويتعرض الأطفال الواقفون في الصفوف للأمراض بسبب ذلك. وتذكر الحاجة آمنة ذات السبعين عاماً أن حفيدها قد أصيب بوعكة صحية جراء حمل المياه لها يومياً، إذ ترسله إلى الجيران لجلبها.

وبحسب مشاهدات مراسلة «أتَـر»، يملأ الباعة المياه من الأحياء الشرقية ويبيعونها لسكان الأحياء الغربية بالبراميل. تقول مريم أحمد، إحدى ساكنات الأحياء الغربية، إن حاجتها للمياه تفوق البرميل الواحد، الذي تتفاوت أسعاره بين الباعة بحسب الأحياء.

التقت مراسلة «أتَـر» أثناء جولتها بأحد بائعي المياه، وذكر أن سعر البرميل الواحد الكبير يتراوح ما بين 3,000 جنيه و6,000 جنيه وقد يصل إلى 10,000 جنيه، وعزا عدم ثبات أسعاره إلى تبايُن إقبال سكان الأحياء المختلفة على مياه الشرب. ويقول إن الأسرة الكبيرة تبتاع من اثنين إلى ثلاثة براميل في اليوم الواحد، مشيراً إلى أن جزءاً من منازل الأحياء الشرقية لا تصل إليها المياه حتى بالطاقة الشمسية.

تذكر إيمان، وتسكن بالأحياء الشرقية، أن تشغيل المياه في حيّها قد خفف عنها عبء جلب المياه كل يوم، إذ كانت تأتي إلى البيارة في الصباح المبكر لتعود منها عند الساعة الرابعة عصراً.

من جانب آخر، تشهد المدينة عودة الطلاب إلى المدارس وإخلاءها من أي عوائق وتعقيمها. وقالت إحدى المعلمات بالمدارس الحكومية إن الهلال الأحمر يجري نظافة دورية للمدارس، وأوضحت في حديثها لمراسلة «أتَـر» أن المدارس غير مجهزة وتعاني من عدة مشكلات، إذ لا يوجد إجلاس للطلبة ولا للمعلمين، إضافة إلى انعدام الكتب والطباشير، وذكرت أن معظم المعلمين لم يتلقوا رواتبهم لمدة سنة كاملة إضافة إلى قلتهم، ما دفع كثيراً من المتطوعين للمساهمة في التدريس بدلاً عن المعلمين، مؤكدة أن إقبال التلاميذ على التعليم ضعيف خاصة مع انعدام الكتب والزي المدرسي.

وشهدت جامعة الجزيرة عمليات نهب وسرقة لمحتوياتها وخراب لمبانيها التي استخدمتها الدعم السريع لأغراضها العسكرية. تقول ريان، وهي طالبة بجامعة الجزيرة، لمراسلة «أتَـر» إن الدراسة غير مستقرة منذ بداية الحرب في الخرطوم، رغم تعويض الطلاب والطالبات بالدراسة (أون لاين) لكنهم لا يلتزمون بالمحاضرات، وقالت إن ظروفها لا تسمح لها بالانتقال إلى ولاية أخرى لمتابعة دراستها. 

الأبيّض: الكوليرا تفتك بالسكّان

شمال كردفان – مع ارتفاع وتيرة المعارك العسكرية بولايات شمال كردفان وغربها وجنوبها، اضطرَّت آلاف الأسر إلى النزوح نحو مدينة الأبيّض العاصمة التاريخية للإقليم، حيث استقرت في مراكز إيواء مؤقتة تفتقر إلى التجهيزات الضرورية مثل مياه الشرب ودورات المياه والعيادات الطبية.

ووصل إلى مدينة الأبيّض الفارّون من عدة مُدن منها النهود، الإضَية، لقاوة، الفولة، بابنوسة، والخِوَي، والدبيبات والحمّادي وكازْقيل وبارا والبان جديد بجانب عشرات القرى التي أصبح سكانها نازحين بالمدينة. ويعيش النازحون ظروفاً قاسية في ظل عدم توفر المواد الغذائية وارتفاع الأسعار وتفشّي الكوليرا بينهم.

وارتفعت الإصابات بالكوليرا في مدينة الأبيض خلال مايو ويونيو وفقاً لعدد من الأطباء تحدثوا لـ«أتَـر». وقال عبد الرحيم إبراهيم من مستشفى الأبيض الحكومي، إن الإصابات في حالة تزايد مستمر؛ وبلغ أعداد الإصابات ما بين 30 إلى 40 حالة يومياً، وهو فوق السعة السريرية للمستشفى الذي يتسع لمائة سرير فقط، مؤكداً أن السلطات الصحية تبذل جهوداً كبيرة من أجل توفير الرعاية الضرورية لمرضى الكوليرا في ظل تزايد أعداد النازحين إلى المدينة من عدة جهات.

بينما يقول مصدر طبي آخر بوزارة الصحة ولاية شمال كردفان، لمراسل «أتَـر»، إن السلطات الصحية لجأت لنقل المرضى إلى خارج المستشفى ووضعتهم في عدة خيام وعنابر خارجية لأن المستشفى امتلأ على سعته بمرضى الكوليرا. وأخبر المصدر الذي لا يريد كشف هويته، أن أعداد الوفيات اليومي يتراوح ما بين 7 إلى 18 حالة وفاة، وهو ما ضاعف من أعباء الجهات الصحية التي تعاني من ضعف في الإمكانيات والمعينات.

ومع ارتفاع المخاوف بزيادة تفشي الكوليرا يجابه النازحون في مراكز الإيواء أوضاعاً شديدة التعقيد تتمثل في نقص المواد الغذائية ومياه الشرب. يقول سعد حسن أحد النازحين من الإضية لمراسل «أتَـر» إن المواد الغذائية التي تُوزَّع على النازحين لا تكفي نصفهم، وبسبب قلة دورات المياه يقضي النازحون حاجتهم في العراء، ما يهدد بكارثة صحية خطيرة في ظل انتشار الكوليرا بالمدينة.

ويضيف سعد أن الطعام يقدم عبر التكايا الخيرية لكنه غير كافٍ لكل النازحين الذين تتزايد أعدادهم يومياً جراء المعارك المستمرة بين الطرفين، وحتى بعد مرور شهرين على احتدام المعارك بالإقليم لم يتيسر حصر النازحين بين القرى والمُدن لسرعة تبادل المواقع بين طرفي الحرب.

ويقول مصدر بمفوضية العون الإنساني بحكومة شمال كردفان تحدث لمراسل «أتر»، إن عدد الأسر التي وصلت إلى المدينة من عدة مناطق يُقدر بحوالي 370 ألف أسرة، استقر بعضها مع معارفها في أحياء المدينة، ويعيش بعضها في مخيمات مؤقتة تحت ظروف بالغة القسوة مع عجز مفوضية العون الإنساني عن تلبية احتياجاتهم.

وأضاف المصدر السابق الذي فضل عدم كشف هويته، أن المخيمات المؤقتة التي يعيش فيها النازحون تنعدم فيها مقومات الحياة، إذ تشترك عشرات الأسر في دورة مياه واحدة لقضاء الحاجة، بينما تفترش النساء والأطفال الأرض لعجز مفوضية العون الإنساني عن توفير أغطية ومفارش وخيام لآلاف النازحين الذين وصلوا إلى المدينة من عشرات المُدن والقرى التي امتدت إليها الحرب.

وتابع المصدر السابق بمفوضية العون الإنساني أن النازحين يعيشون أوضاعاً إنسانية بالغة الصعوبة داخل المخيمات في ظل نقص حاد في المواد الغذائية، ومواد النظافة، والمعينات الطبية مع انتشار وباء الكوليرا على نطاق واسع في المدينة.

ووفقاً للمصدر الطبي السابق، فإن الجهات الصحية تتوقع ارتفاع الإصابة بالكوليرا وتفاقم حالة الجوع بين النازحين الذين قدموا إلى مدينة الأبيض من عدة جهات مع بداية موسم هطول الأمطار الذي يُنتظر أن يبدأ بنهاية يونيو الجاري.

الجزيرة أبا: عودة النازحين إلى مناطقهم

النيل الأبيَض – تعيش الجزيرة أبا حالة من الاستقرار الأمني، انعكست على المزارعين الذين بدأوا الاستعداد للموسم الصيفي، بشراء الجاز لكي يتمكنوا من زراعة حوّاشاتهم بمنطقة قفا. وتشهد الجزيرة استقراراً نسبياً في التيار الكهربائي مقارنة بالفترات السابقة، إذ انخفضت ساعات الانقطاع إلى ما بين 6 و8 ساعات خلال اليوم، لكن هناك أزمة في المياه، التي تستغرق قطوعاتها أياماً، وتتباين من حي إلى آخر بالجزيرة أبا. وفي حال الانقطاع يضطر الناس إلى شرب المياه من النيل أو الآبار ما قد يشكّل مهدّداً صحياً.

ومن الناحية الصحية تنتشر أمراض الملاريا والتهاب البول والتايفويد وفقر الدم. ونظراً لمحدودية الغذاء وعدم تنوعه يعتمد الناس في تغذيتهم على الكسرة والعصيدة على نحو أساسي مع تردي الوضع الاقتصادي، ومحدودية فرص العمل.

وتشهد الجزيرة أبا كثافةً في عودة النازحين إلى مناطقهم الأصلية عن طريق برنامج العودة الطوعية، وكان معظمهم من الخرطوم ويقطنون المدارس والداخليات. وفي أعقاب ذلك، شهد سوق الجزيرة أبا حالة ركود، نتيجة لانخفاض الاستهلاك.

لا تزال شبكات الاتصالات تعمل على نحو جيد مع انفراج نسبي في أزمة الكاش مقارنة بالأشهر السابقة، وانخفضت تبعاً لذلك نسبة الخصم مقابل بنكك من 20% إلى 10%.

وشهد يوم 29 يونيو الماضي انطلاق امتحانات الشهادة السودانية المؤجلة للعام 2024، بعد اكتمال التجهيزات. وساد الهدوء الأجواء عند بدء الجلسة الأولى، في مدارس الأساس بالمنطقة، والتي استُخدمت مراكز للامتحانات توفيراً على الطلاب مشقة الذهاب لمسافات بعيدة.

السلعة السعر (جنيه)
6 عيشات 1,000
جوال الدقيق زنة 45 كجم 44,000
جوال السكر زنة 50 كجم 135,000
جوال البصل 84,000
جوال الذرة 195,000
رطل البن 8,000
أسطوانة الغاز 55,000
جوال الفحم 45,000
جالون البنزين 17,000
جالون الجازولين 15,000

بعض أسعار السلع والبضائع

Scroll to Top