منذ اندلاع حرب 2011، المعروفة محلياً في جنوب كردفان بـاسم «حرب ستة ستة»، في إشارةٍ إلى يومها الثاني 6 يونيو، ظلّ القتال مُستعراً بين قوات الحركة الشعبية لتحرير السودان (قطاع الشمال، جناح عبد العزيز الحلو) والقوات المسلحة السودانية، التي تحالفت معها قوات الدعم السريع حينئذٍ. ولم تعرف الحرب هدأةً باستثناء فترات قصيرة من وقف إطلاق النار سرعان ما تنهار لتُستأنف العمليات العسكرية مرة بعد أخرى.
وفي حرب 15 أبريل 2023، دفعت مدينة الدلنج ضريبة التحالفات المُتناقضة، المُعلنة منها وغير المُعلنة، بين ثلاثة أطراف: القوات المسلحة السودانية، والحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبد العزيز الحلو، وقوات الدعم السريع.
قبل نشوب حرب أبريل بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، كانت قوات الحركة الشعبية-شمال (جناح الحلو) تُسيطر على جميع مناطق غرب مدينة الدلنج بولاية جنوب كردفان. ومع اندلاع الحرب الأخيرة، لم تنحَز الحركة إلى أيٍّ من الطرفين، إنما واصلت عملياتها العسكرية ضدّهما معاً، حتى دخلت في ميثاق سياسي مع الدعم السريع في فبراير 2025، تلاه تنسيق عسكري معها.
ومنذ يونيو 2023، شرع جيش الحركة الشعبية-شمال في تنفيذ هجمات ضدّ القوات المسلّحة في مناطق قريبة من نطاق سيطرة الأخيرة؛ ففي 21 يونيو 2023، وتزامناً مع انتهاء هدنة لثلاثة أيام بين القوات المسلحة والدعم السريع، استيقظت الدلنج على أصوات المدافع والانفجارات، إثر هجوم شنّته قوات منسوبة إلى الحركة الشعبية على حامية اللواء 54، ولم يزل من غير المؤكّد أنّ تلك القوات تتبع لعبد العزيز الحلو. في ذلك اليوم، أُغلِق سوق المدينة بسبب الاشتباكات وبقي المواطنون في منازلهم.
تكرّر الأمر يوم 14 يوليو بقصف الحركة الشعبية جنوب غرب الدلنج، لتردّ القوات المسلحة بقصف مماثل. وفي اليوم التالي سيطرت قوات الحركة الشعبية-شمال على معسكر القوات المسلحة في منطقة الكرقل الواقعة في الطريق بين الدلنج وكادُقلي عاصمة الولاية، قاطعةً بذلك الطريق القومي الرابط بين المدينتين. بعدها بأربعة أيام أعلن المتحدّث باسم القوات المسلحة صدّ هجوم للحركة الشعبية على منطقة الكرقل.
لقد أدّت هذه العمليات العسكرية إلى توتّر مجتمعيّ انفجر في 27 أكتوبر 2023، حينما اندلعت اشتباكات عنيفة بين مسلّحين من قبيلتي النوبة والحوازمة بحي أبو زيد قُتل خلالها مدنيّون، وأُحرقت كثيرٌ من منازل المواطنين، وتمكّنت القوات المسلحة من احتواء الاشتباكات. لكن وتيرة المواجهات بين النوبة والحوازمة ظلت محتدمة، حتى اضطرّ آلاف من الحوازمة إلى مغادرة الدلنج إلى الدبيبات. في ذلك الوقت قام شيريا قائد الدعم السريع بجنوب كردفان، بتعبئة الحوازمة للهجوم على الدلنج، واختار منطقة الرِّويكيبة نقطةَ تجميعٍ للجنود الشباب المُستَنفرين، بغرض الانضمام إلى الدعم السريع. وفي 4 ديسمبر 2023 عقد شيريا اجتماعاً مع الإدارة الأهلية لقبائل الحوازمة في مزرعة أولاد بدر بالقرب من كوبري طيبة على الطريق بين الدبيبات والدلنج، حضَره كلٌّ من الأمير الهادي محمد حماد أسوسة أمير إمارة الحوازمة، والعمدة بخاري، والعمدة مالك دراس والعمدة محمداني هبيلا.
في أواخر 2023، دخلت الدلنج في عزلة تامّة عن بقية البلاد، إذ انقطع الطريق بينها وكادُقلي بسيطرة الحركة الشعبية-شمال على منطقتي الكرقل وحجر جواد، وكانت تُسيطر أيضاً على منطقة الكدر في الشمال الغربي ومنطقتي كركراية والتكمة من الناحية الشرقية. أما الطريق الرابط بينها والأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، فقد انقطع مبكراً بسيطرة الدعم السريع على مدينة الدبيبات.
ومع نهاية العام 2023، تحرّكت قوّة من الدعم السريع بقيادة شيريا من الدبيبات على متن 12 عربة قتالية إلى منطقة النيلة التي كانت ترتكز فيها قوة أخرى من الدعم السريع بقيادة ماكن الصادق، وقوامها 13 عربة قتالية، ومنها انطلقت القوتان إلى منطقة هَبيلا على بُعد 50 كليومتراً شرق الدلنج. وفي بداية السنة الجديدة، يوم 4 يناير 2024، نشرت قوات الدعم السريع مقاطع ڤيديو تُعلن سيطرتها على مباني الحكومة والسوق الرئيس في هبيلا. وقيل إنّ الهجوم حدث قبل ذلك بأيام، في 31 ديسمبر 2023، لكن انقطاع شبكة الإنترنت حينها أدّى إلى تأخّر تداول الحدث.
وكانت المعارك بين جيش الحركة الشعبية -شمال وقوات الدعم السريع قد بدأت في 5 ديسمبر 2023، إذ هاجمت قوة من الدعم السريع منطقة التكمة الواقعة على بعد 7 كيلومترات شرق الدلنج، لكن جيش الحركة الشعبية المرتكز بالمنطقة تصدّى للهجوم. وكرّرت القوة هجومها في اليوم التالي، ما أدّى إلى نزوح المواطنين إلى قرية كركراية ومدينة الدلنج.
نوتة: خريطة توضح موقع الدلنج والمناطق التي حولها بما فيها المناطق التي حدثت فيها الاشتباكات
في يناير 2024، وصلت وحدات من جيش الحركة الشعبية إلى داخل مدينة الدلنج، وكانت تسيطر على جميع مداخل المدينة وأحياء التومات، بينما كانت القوات المسلحة مُتمركزة داخل الحامية فقط. وقتها عقَد قادة الحركة الشعبية بالدلنج لقاءات مع قيادات الإدارة الأهلية وسكّان المنطقة، في مسعى لتسليم الحامية العسكرية دون اشتباكات. خلال هذه اللقاءات، طرح قادة الحركة الشعبية-شمال الموجودون في الدلنج على الإدارة الأهلية مقترحاً يَقضي بإبلاغ قوات اللواء 54 التابعة للقوات المسلحة بأنّ الحركة لا تسعى إلى مواجهة مباشرة داخل المدينة، واقترحوا فتح الطريق أمام من يرغب في الانسحاب نحو كادُقلي، بينما يُمكن لمن يريد الانضمام إلى الجيش الشعبي أن يبقى تحت قيادة اللواء.
في صباح 8 يناير 2024، هاجمت قوة من الدعم السريع المدينة بـ 60 عربة قتالية، إلا أنّ قوات اللواء 54 الدلنج وقوات الحركة الشعبية والمقاومة الشعبية لأبناء النوبة بالمنطقة تصدّت للهجوم الذي استمرّ حتى الواحدة ظهراً. ورغم عدم الإفصاح عن تحالف بينهما، إلا أنّ تحرّكات القوات المسلحة وقوات الحركة الشعبية-شمال كانت تشير إلى نوع من التنسيق الميداني في تحالف غير مُعلن. وانتهى الهجوم بانسحاب قوة الدعم السريع المُهاجِمة إلى مدينة الدبيبات، وسيطرة القوات المسلحة والحركة الشعبية على الدلنج. أدّت هذه المعارك إلى توقّف الأسواق والمرافق الصحية، إضافة إلى حركة نزوح واسعة، ما حوّل الدلنج إلى مدينة أشباح صامتة، وسط تحذير من السُّلطات الأمنية للسكان بعدم إخلاء منازلهم كي لا تكون عرضة للنهب. وقد أُحرقت منازل المواطنين في أحياء القوز والمطار وأبوزيد، وهي أحياء يقطن أغلبها الحوازمة. وقتها، قالت منصّة الناطق الرسمي التابعة لحكومة السودان في بيان تناقلته وسائل الإعلام، إنّ القوات المسلحة وقوات الجيش الشعبي لتحرير السودان شمال بقيادة عبد العزيز الحلو قد تصدّتَا في مدينة الدلنج لهجوم غاشم من قوات الدعم السريع وصدّتها إلى خارج المدينة، ومن ثم هاجمت القوتان بعض الأحياء والمواقع التي تتمركز بها لقوات الدعم السريع. أما الحركة الشعبية فلم تُدلِ بتصريحٍ حول الأمر، ولاحقاً نفت وجود أي تنسيق. في سبتمبر 2023 عقب لقاء في إرتريا مع الحلو، طلب رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان أن تقاتل الحركة الشعبية إلى جانب القوات المسلحة السودانية مقابل تنازلات سياسية في قضية العلمانية.
بعد هذه المعركة لم تعد قوات الحركة الشعبية إلى مواقع سيطرتها بغربي وشرقي الدلنج، بل مكثت داخل المدينة حتى وصلت وحدات من الجيش الشعبي إلى أحياء التومات، وكانت تنوي السيطرة على مدينة الدلنج دون قتال أو مواجهة مع اللواء 54. وفي نهاية فبراير، انسحبت قوات الجيش الشعبي من مدينة الدلنج مؤقتاً لإتاحة الفرصة لقادة اللواء 54 لاتخاذ قرارهم، إلا أنّ الحامية العسكرية رفضت الانسحاب.
وسط القتال المحتدم بين ثلاثة أطراف في محاور مختلفة تفاقمت معاناة المواطنين. وفي 20 فبراير قصفت القوات المسلحة مدرسةً بقرية الهدرا جنوب كردفان قُتل فيها 11 تلميذة ومُعلمون. بينما استمرّت قوات الحركة الشعبية في حصار المدينة.
ومنذ منتصف مايو 2024، ساءت الأوضاع وارتفعت أسعار السلع الغذائية إلى ما يقارب أربعة أضعاف بما في ذلك الذُّرَة، وهي المكوّن الرئيس لوجبات السكان في المنطقة، إذ قفز سعر جوال الذرة إلى 300 ألف جنيه بسبب فشل الموسم الزراعي. ويعتمد غالبية سكان المنطقة على الزراعة في كسب معاشهم. وقد ظلّت منطقة هبيلا الواقعة شرق الدلنج، وتمثّل مركزاً للزراعة وتضمّ كبرى المشاريع، تشهد تردّياً أمنياً كبيراً. وإلى جانب الغلاء، بدأت ملامح ندرة في بعض السلع والعملة النقدية (الكاش)، نتيجة لانقطاع المسارات وتوقف حركة البضائع القادمة من مناطق مثل سوق النعام على الحدود مع دولة جنوب السودان، ومنطقة أم جمينا بولاية غرب كردفان.
في يوليو 2024، أعدّت مفوضية العون الإنساني في محلية الدلنج تقريراً عن أوضاع النازحين، أشار إلى وجود نحو 41,132 نازحاً وصلوا إلى المدينة منذ 15 أبريل 2023، إضافة إلى نازحين يُقيمون في المنطقة منذ عام 2011. وكشفت إدارة التغذية بمحلية الدلنج بولاية جنوب كردفان عن تسجيل (6126) حالة إصـابة بسوء التغذية وسط الأطفال بعد مسح ميداني في المراكز الصحية. وتراوحت النسب المئوية لحالات الإصابة بين 90% للطبيعي و7% للمتوسط و3% للحادة. وشمل المسح 12 مركزاً صحياً في الدلنج وهي البوك، الصفا، الودَي، التومات، التقانة، المستشفى، المرافيت، التُكمة، الحلة الجديدة، الجامعة، إس سي. وسجّل مركز التومات أعلى النسب بواقع 3775 للطبيعي و101 للمتوسط و38 للحالات الحادة.
في هذه الأثناء، كانت تدور مفاوضات بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية-شمال حول وقف الأعمال العدائية لتمرير المساعدات الإنسانية إلى ولاية جنوب كردفان. وفي 13 مايو 2024، عُقد لقاء بين رئيس جنوب السودان سلفاكير ميارديت وعضو مجلس السيادة شمس الدين الكباشي الذي كان قد التقى الحلو قبلها، استعداداً للتوقيع على وثيقة اتفاقية لتوصيل المساعدات الإنسانية عاجلاً خلال أسبوع، لكنها تعثّرت. وفي 30 يوليو 2024، وفي أعقاب فشل المحادثات، شنّت الحركة الشعبية هجوماً على الدلنج تمكّنت القوات المسلحة من صدّه، وحاولت فكّ الحصار عن المدينة بمهاجمة مناطق سيطرة الحركة الشعبية في كركراية.
في 10 أكتوبر 2024 جرى الاتفاق، بوساطة دولية، على أن تسمح الأطراف الثلاثة (القوات المسلحة والحركة الشعبية والدعم السريع) بدخول المساعدات الإنسانية وتمريرها إلى جميع مناطق الولاية بلا أي عرقلة. وبالفعل، وصلت شاحنات المساعدات إلى ستِّ مناطق بجنوب كردفان، مُحمّلة بالأدوية والألبان والبسكويت للأطفال المصابين بسوء التغذية؛ شملت منطقتين تسيطر عليهما القوات المسلحة هما الدلنج وكادُقلي، ومنطقتين تُسيطر عليهما الحركة الشعبية هما حجر جواد والكرقل، ومنطقتين أخريين تُسيطر عليهما قوات الدعم السريع هما الحمادي والدبيبات.
في نهاية ديسمبر شهدت الدلنج احتجاجات واسعة، من طلاب وطالبات الشهادة السودانية الذين خرجوا في مَسيرة سلمية بسبب عدم وصول أرقام الجلوس وأوراق الامتحانات. تحرَّك موكبهم، من وسط المدينة (الموقف)، ومنه إلى السوق ثم إلى مقرّ الأمن والمخابرات، ثم إلى مقرّ المدير التنفيذي لمحافظة الدلنج، الذي خرج وتحدّث إليهم ووعَدهم بأنهم سيجلسون مع الدفعة التالية. حينها أوضحت الحركة الشعبية أنّ الامتحانات وصلت من جوبا حتى كادقلي، وأن الحكومة رفضت اقتراح الحركة بأن تَنقل منظمة سمارتن بيرس الامتحانات عبر مناطق سيطرة الحركة، بحجّة أن ذلك يُمثّل تهديداً ومخاطرةً بالامتحانات على مستوى السودان، وأصرّ الوالي على أن يصطحب الامتحانات أفراد من الأمن والجيش والشرطة.
وفي 30 ديسمبر 2024، وبعد بداية الامتحانات بأيام قليلة، اتهمت الحركة الشعبية القوات المسلحة بإسقاط مهمات عسكرية في كادقلي في يوم 29 ديسمبر، في ما وصفته «بخرق التفاهمات المتعلقة بإيصال المساعدات الإنسانية»، وقالت إنّ طائرة شحن حلّقت في مناطق متاخمة للمدينة وأسقطت هذه المهمات، مشيرةً إلى أنّ عمليات إيصال المساعدات الإنسانية، حسب التفاهمات، تجري عبر مطار كادقلي، والإسقاط يجري في منطقة جلد. واتهمت الحركةُ الحكومةَ «باستغلال فترة إيصال المساعدات لإسقاط مهام عسكرية». وقالت إنّ القوات المسلحة قد هاجمت منطقة أبوصيبة التي تسيطر عليها الحركة، وكان الطرفان قد وقّعا اتفاقاً على تمديد فترة اتفاق إيصال المساعدات الإنسانية.
بدأ العام الجديد بمزيد من الاتهامات المتبادلة والتطوّرات العسكرية والسياسية، ففي 14 يناير 2025 اتهمت الحركة الشعبية القوات المسلحة بمهاجمة موقعها في كركراية وحجر جواد في ما وصفته المتحدّثة باسم الحركة سناء فيليب مطر، بخرق جديد لتفاهمات إيصال المساعدات الإنسانية. وبعدها بشهر قصف جيش الحركة الشعبية مدينة كادقلي ما أدّى إلى وفاة 44 مدنياً وإصابة 28 آخرين. وفي يوم 13 فبراير، قُصِف محيط الحامية العسكرية للواء 54 مشاة في مدينة الدلنج أثناء طابور عرض عسكري. وردّت القوات المسلحة بهجوم مضادّ تمكّنت فيه من استعادة السيطرة على منطقتي كركراية وحجر جواد اللتين تضمّان محطاتٍ للنفط.
في 19 فبراير، ظهر قائد الحركة الشعبية – شمال عبد العزيز الحلو برفقة عدد من السياسيين وقادة بعض الفصائل المسلحة والدعم السريع في قاعة كينياتا في العاصمة الكينية، في ما عُرف بمؤتمر نيروبي. كان الغرض توقيع ميثاق لتأسيس حكومة موازية للحكومة السودانية بمشاركة قوات الدعم السريع، ما عنى نهاية أي أمل في تحالف بين الحركة الشعبية والقوات المسلحة السودانية.
في 24 فبراير تمكّنت القوات المسلحة من فتح الطريق بين الدلنج وكادُقلي، بالتحام اللواء 54 الدلنج بالفرقة 14 كادُقلي بمنطقة السماسم ما يعني فكّ الحصار الذي يفرضه الجيش الشعبي على المدينتين.
في تصريح لبيم ريبورتس قالت الحركة الشعبية-شمال «إنّ المكونات المسلحة الموقّعة على ميثاق نيروبي مع «الدعم السريع» ستعمل على تطويره إلى اتفاق أمني – عسكري». وقال مسؤول الإعلام بالحركة الشعبية جاتيقو أموجا دلمان، إنّ الوثيقة قد نصّت على تكوين «جيش وطني واحد ومهني»، ورغم أنّ دمج القوات الموقِّعة على الميثاق سيَحتاج إلى وقت لكن «في الأصل المقصود أن يكون هناك جيش واحد يحمي السلطة المرتقبة». وأضاف أنّ الفترة القادمة ستشهد تحوّل الجيش الشعبي من وضعية الدفاع إلى الهجوم واندلاع «معارك شرسة» في جنوب كردفان والنيل الأزرق.
رغم أنّ اتفاق نيروبي رُوّج له أول الأمر بوصفه اتفاقاً سياسياً، إلا أنّ آثاره الميدانية ظهرت بسرعة، إذ شنّت القوات المتحالفة من الجيش الشعبي والدعم السريع هجوماً سيطرت فيه على مدينة لَقاوة في 26 مارس الماضي، تبعه هجوم في 3 أبريل سيطرت فيه على منطقة خور الدَّلِيب التي كانت القوات المسلحة قد سيطرت عليها عندما فتحت طريق الدلنج – كادُقلي، لكنّ الأخيرة عادت لتُسيطر على المنطقة مرة أخرى. ولم يكد يمضي شهر على فتح طريق كادُقلي- الدلنج حتى شنّت قوات الدعم السريع وحليفها الجديد هجوماً مشتركاً على بلدة أم عدارة في 12 أبريل الماضي، قاطعةً بذلك الطريق بين الدلنج وكادُقلي وسوق النعام، الذي يقع في جنوب السودان على الحدود، ويُعتبر مصدر السلع الأساسي للمدينتين. وكنتيجة حتمية، ارتفعت أسعار السلع وشحّ الغذاء. وفي خطاب «جماهيري» له نُشر يوم 30 مايو، قال قائد ثاني الدعم السريع عبد الرحيم دقلو إنّ قوات تحالف تأسيس تُقاتل جنباً إلى جنب مع قوات الدعم السريع.
وفي ضحى السبت 20 يونيو الماضي، تعرّضت مدينة الدلنج لقصف مدفعي من قِبل قوات الجيش الشعبي التي تتمركز في منطقة الحجيرات غرب الدلنج، وتُسيطر كذلك على منطقة الكدر في الشمال الغربي، وتبادلت القصف المدفعي مع القوات المسلحة على أطراف المدينة، بينما كانت المعارك مُستمرَّةً في مناطق الدشول، والتقاطع، وكيقا، منذ 17 يونيو الماضي.
عادت الحياة تدريجياً إلى طبيعتها صباح الأحد 21 يونيو، وفُتحت الأسواق من جديد وعادت شبكات ستارلينك للعمل، إلا أنّ حالةً من القلق لا تزال تسود بين السكّان في ظل استمرار التهديدات الأمنية والهشاشة العامة للأوضاع في المدينة.
ورغم استمرار الحصار المفروض على المدينة، إلا أنّ البضائع لا تزال تصل عبر طرق بديلة، من الأبيّض عبر طريق يتجنّب مناطق سيطرة قوات الدعم السريع في «الدبيبات»، إضافةً إلى خطّ إمداد آخر من مدينة الخِوَي عبر تجّار من قبيلة الحَمَر، يستغرقون نحو ثلاثة أيام في رحلاتهم التجارية باستخدام عربات التوكتوك.
وفي 28 يونيو تمكّنت القوات المسلحة السودانية من السيطرة على منطقة الدشول بولاية جنوب كردفان، بعد معارك شرسة مع قوات الحركة الشعبية، وبعد استعادتها بيوم واحد وصلت أوراق امتحانات الشهادة السودانية إلى الدلنج.



