أتر

دفتر أحوال السودان (88): من كادُقلي وكسلا ونيالا

كادُقلي: حصار وقذائف وجوع

جنوب كردفان – تعرَّضت مدينة كادُقلي، الأحد الماضي، لقصف مدفعي، من قبل قوات الحركة الشعبية بقيادة عبد العزيز الحلو، ما أثار ذعرَ السكان المحاصرين بالجوع والغلاء. بدأ القصف حوالي الحادية عشرة صباحاً، واستمر حتى الواحدة ظهراً، وخلَّف عدداً من القتلى والمصابين، منهم رجل وابن أخته في حي حَجَر بليلة، وأُصيبت امرأة نُقلت إلى مستشفى كادُقلي. ولم تَرِد إحصائية رسمية عن عدد القتلى والمصابين الكلي جراء القصف.

وانطلَقَتْ القذائف من الاتجاهين الجنوبي الغربي، والشرقي. وبحسب إفادة مصدر محلي، فإن عدد القذائف التي استَهدفت المدينة بلغ قرابة العشرين قذيفةً خلال ساعتين، تُسمع أصواتها من جهات مختلفة من المدينة. وطال القصف أحياء المخيمات والسلامات جنوباً، وكليمو وأم بطاح في الجنوب الغربي، وحي التنمية في الجنوب الشرقي، والسلاح الطبي جنوب غرب كادُقلي. وتتمركز قوات الجيش الشعبي التي قصفت المدينة في الاتجاهين الجنوبي الغربي والشرقي، وهي الاتجاهات ذاتها التي قُصفت منها المدينة في فبراير ومايو الماضيين.

تقول عزة خمّاس، إحدى ساكنات المدينة لمراسل «أتر»، إنهم باتوا محاصرين بالأزمات والجوع والجيوش والأمراض والقصف أيضاً، وتُضيف: «بدأ القصف حين كان أغلب الناس داخل منازلهم لأنه وقت القيلولة، بينما كان البعض الآخر في المزارع والجباريك». ووصفت الوضع أثناء القصف بالمرعب، حيث علا الدخان واشتعلت النار ببعض الجباريك، واتجه أغلب المواطنين شمالاً.

وقد أثَّرَ قصف الأحد الماضي على حياة المواطنين، وقرَّر كثيرٌ منهم النزوحَ من الجوع والغلاء والقصف. وقالت عزة إن كثيراً من المواطنين يُغادرون إلى الجبال والاتجاه الغربي من المدينة صباحاً ويَعودون ليلاً خوفاً من تكرار القصف. وأخبرت بأن السوق شبه متوقف مع استمرار الحصار وانعدام السلع وظهور حالات نهب وتوقّف عربات التكتك التي كان يأتي بها تجار من قبيلة الحمر مُحمَّلةً بالبضائع. ولجأ كثيرٌ من مواطني كادقلي إلى تناول ورق الشجر من أشجار التبلدي والكول والحميض وأنواع أخرى بعد غليها، دون أن يعرفوا مدى مناسبتها للإنسان. وذكرت أن طفلاً توفي في حي لوفة بعد تناوله نبتة سامة، ورغم نقله إلى السلاح الطبي، إلا أنه فارق الحياة، وتوفّي طفل آخر في نفس الحي بعد سقوطه من شجرة تبلدي أثناء محاولته قطف أوراقها، حيث تركته والدته مع إخوته وذهبت لإحضار الطعام.

وتقول بثينة فيصل، وهي ناشطة بغرفة طوارئ كادُقلي، إن المزارعين متخوفون من الوضع وقد عجزوا هذا الموسم عن زراعة مساحات كبيرة، لذا يَعتمد عددٌ من السكان على الجباريك المنزلية وزراعة المساحات الصغيرة. وتُضيف لمراسل «أتر»، أن المجاعة تَستفحل ولا مُساعدات كافية، إضافة إلى شحِّ الأدوية خاصة مع تفشي الملاريا وأمراض الخريف.  

وطالت الأزمة أدوية الأمراض المزمنة «الضغط والسكري»، وانعدمت لقاحات الأطفال، وحقن التيتانوس منتهية الصلاحية، فضلاً عن نقصٍ حادٍّ في المحاليل الوريدية والشاش والبنج. وخرجت أغلب المستشفيات والمراكز الصحية من الخدمة، والتي تعمل منها لا تتوفر بها أغلب الفحوصات الأساسية، بما فيها فحص الملاريا. أما الفحوصات المتوفرة، فيمكن إجراؤها لكن دون أن يجد المريض دواء. أما الصيدليات فشبه فارغة.

وتعهد وزير المالية والتخطيط الاقتصادي جبريل إبراهيم بالتدخل الفوري لمعالجة الأوضاع الإنسانية في كادُقلي والدلنج، عبر تنفيذ عملية إسقاط جوي للغذاء والأدوية. وأوضح في لقاء مع نائب والي جنوب كردفان عبد الرحمن دلدوم يوم الاثنين 4 أغسطس، أن الحكومة تسعى لتخفيف الأزمة الناتجة عن الحصار المفروض على الطرق والممرات الإنسانية.

الصنف السعر (جنيه)
ملوة البصل150,000
ملوة الملح100,000
ملوة اللوبيا100,000
رطل الزيت25,000
رطل الشاي60,000
رطل البن100,000
كيلو الأرز60,000
كيلو الدقيق40,000
كيلو العدس60,000
ملوة السمسم60,000
ملوة الفول السوداني35,000
الفول المُفقّع (جاهز)100,000
كيلو السكر (كاش)20,000
كيلو السكر (بنكك)40,000
الصابونمعدوم
الخضارمتوفر فقط بامية وخضرة وليمون وشطة
الفواكهمعدومة
شوال الفحم (كاش)7,000
شوال الفحم (بنكك)22,000

أسعار السلع الأساسية في كادقلي

كسلا: عودة الكوليرا

ولاية كسلا – تشهد مدينة كسلا موجة جديدة من تفشي وباء الكوليرا، وهي المرة الثانية منذ بدء الحرب. ويأتي تفشي الوباء، خاصة في دور إيواء النازحين، بعد هطول أمطار غزيرة.

وأكد طبيب فضل حجب اسمه لمراسلة «أتر» وصول 112 إصابة إلى مستشفى كسلا التعليمي، من مواقع مختلفة في ولاية كسلا. وقال المواطن عثمان عبد الرحمن، إنه فقد اثنين من أقاربه بسبب الوباء، أخته وابنها؛ كما أكد وفاة عدد من الأشخاص في الحي الذي يسكنه بسبب الكوليرا.

وأخبرت طبيبة تعمل في إحدى المنظمات في كسلا بتزايد حالات الملاريا أيضاً، إضافة إلى معدلات مُقلقة من حالات سوء التغذية والحصبة.

وأثرت قطوعات الكهرباء على الخدمات في كسلا، وأدَّت إلى تردِّي الأوضاع في المدينة، حيث تأثر الإمداد المائي بعدم استقرار التيار الكهربائي، ما أدى إلى شح وندرة في المياه وصعوبة الحصول عليها، كما تسبب تذبذب الكهرباء كذلك في تردي الخدمات في القطاع الصحي وأثر سلباً على المرضى.

وخلال جولة لمُراسلة «أتر» بسوق كسلا الكبير، وجدت أن مُعظم السلع متوفرة بأسعار معقولة. وقال مهند علي، وهو تاجر ملابس، إن سوق كسلا ازدهر وتطور أكثر في زمن الحرب لأن التجار النازحين أسهموا في تطوير الدكاكين، وزاد عددها عن ما قبل الحرب، وأضاف أن بعض التجار الذين كانوا يعملون في أسواق ليبيا وأم درمان وسعد قشرة نزحوا إلى كسلا، وباشروا عملهم في التجارة بها.

نيالا: تدهور الأوضاع الصحية يفاقم من تفشي الكوليرا

جنوب دارفور – أعلنت وزارة الصحة بولاية جنوب دارفور، والتي تعمل تحت سلطة الإدارة المدنية للدعم السريع، عن تسجيل 88 حالة إصابة جديدة بالكوليرا، منها حالة وفاة واحدة حتى يوم الأربعاء الماضي.

وطبقاً للتقرير اليومي لحالات الكوليرا الصادر عن الإدارة العامة للطوارئ الصحية ومكافحة الأوبئة بوزارة الصحة بالولاية، فإن حالات الإصابة والوفيات منذ تسجيل أول حالة في السابع والعشرين من مايو الماضي، قد ارتفعت إلى 1435 منها 74 حالة وفاة.

وحذّر د. محمد أبكر، وهو طبيب بمستشفى نيالا التخصصي، في حديثه لمُراسل «أتر»، من تدهور الأوضاع الصحية بسبب تفشي وباء الكوليرا منذ شهرين، مُؤكّداً انتشار المرض في جميع أحياء المدينة والمعسكرات. وقال إن المستشفى يُعاني من نقص حاد في الإمكانيات مثل وسائل الترحيل، وطلمبات الرش، ومواد الإصحاح البيئي، مشيراً إلى أن المراكز الصحية غير قادرة على استيعاب الأعداد المتزايدة.

وتعمل منظمات مثل «أطباء بلا حدود»، و«الرؤية العالمية»، و«IMC» على تقديم الخدمات الطبية، إلا أن الضغط يفوق طاقتها. وأوضح الصيدلي التوم بركة لمراسل «أتر»، أن أسعار الأدوية ارتفعت على نحو بالغ بسبب تكاليف الترحيل وصعوبة الوصول للولاية في فصل الخريف، مشيراً إلى أن سعر المحلول الوريدي الواحد يتراوح بين 7 و8 آلاف جنيه، بينما يحتاج مريض الكوليرا الواحد إلى أكثر من عشرة محاليل.

وقال عبد العظيم داؤود، أحد شباب شبكة الحماية في معسكر دريج، لمراسل «أتر»، إنهم أطلقوا مبادرات للتوعية الصحية وتوزيع الكلور ومعالجة المياه، إلى جانب حملات نظافة وإصحاح بيئي، لكنهم بحاجة إلى مزيد من الدعم. بينما أكدت د. فاطمة إسماعيل من معسكر السريف لمراسل «أتر»، أن وباء الكوليرا يشكل خطراً حقيقياً، بسبب نقص الأدوية وطلمبات الرش، وقالت: «بعض المراكز لا تملك سوى طلمبة واحدة لا تكفي لتغطية حي كامل، ونحتاج إلى تدخل عاجل».

وكشف علي حسن عبد الله، رئيس سنتر 1 في معسكر عطاش، لمراسل «أتر»، عن تسجيل 97 حالة مؤكدة و14 حالة وفاة، مشيراً إلى عدم توفر أدوية أو خدمات صحية، وتفاقم الأزمة بسبب الفقر. أما آسيا هارون، إحدى القيادات النسوية في المعسكر، فلفتت إلى معاناة السكان في الحصول على الاحتياجات الأساسية، في ظل انعدام الدخل.

Scroll to Top