عاوَد المواطنون في بعض قرى الضفة الغربية للنيل، في ولاية نهر النيل شمال ولاية الخرطوم التعامل النقدي بفئتي الـ 500 و1000 جنيه القديمتين من العملة التي بدأ استبدالها في العاشر من ديسمبر من العام 2024 واكتملت العملية رسمياً في يناير من العام الحالي، وكانت ولاية نهر النيل من الولايات التي اكتملت عملية الاستبدال فيها.
في ريف المتمّة، كانت العملة القديمة قد اختفت منذ يناير 2025؛ بعد اكتمال عملية الاستبدال بفئة الألف جنيه الجديدة، ولشهور كان الناس يتداولونها وحدها في سوق ود حامد بريف المتمة، إذ اختفت فئات 100 و200 جنيه من السوق.
مع استعادة الجيش لولاية الخرطوم وتزايُد النشاط التجاري بينها ومحيطها، انتشرت الأوراق القديمة، من فئتي 500 و1000 جنيه، واستقرّ التعامل بها تدريجياً في أجزاء من ريف المتمة، واليوم اختفت العملة الجديدة على نحوٍ ملفت من أسواق ريف المتمة، وحلّت محلّها الفئات القديمة والتي صار التعامل التجاري بها طبيعياً في أجزاء من ريف محلية المتمة، بولاية نهر النيل.
لكن، مع استعادة الجيش لولاية الخرطوم وتزايُد النشاط التجاري بينها ومحيطها، انتشرت الأوراق القديمة، من فئتي 500 و1000 جنيه، واستقرّ التعامل بها تدريجياً في أجزاء من ريف المتمة، واليوم اختفت العملة الجديدة على نحوٍ ملفت من أسواق ريف المتمة، وحلّت محلّها الفئات القديمة والتي صار التعامل التجاري بها طبيعياً في أجزاء من ريف محلية المتمة، بولاية نهر النيل.
بحسب استطلاع مراسل «أتَـر»، لا يرى سكان ريف المتمة أن هناك مخاطر من تعاملهم بالفئات القديمة لأنهم ينوون إرسالها للاستبدال في أم درمان عندما تبدأ عملية الاستبدال في ولاية الخرطوم.
وتمتدّ تلك المناطق التي رجع التعامل فيها بالفئات القديمة على مسافة 48 كيلومتراً شمال حدود ولاية الخرطوم على طول طريق النيل الغربي، وبه تتصل عدد من القرى والمناطق الريفية بدايةً من الحُقنة مروراً بود حامد وحجر الطير وحتى قرى الكُمُر شمالاً.
أعلن بنك السودان المركزي عن استبدال العملة من فئتي 500 و1000 جنيه، في المدة من 10 إلى 23 ديسمبر 2024. وأعلنت غرفة العمليات والمتابعة بالبنك أن الولايات المستهدفة بالاستبدال هي ستّ ولايات تشمل البحر الأحمر، كسلا، القضارف، نهر النيل، الشمالية، والنيل الأزرق. ودشن وزير العدل السابق رئيس وفد اللجنة العليا لتغيير واستبدال العملة الاتحادية، عملية الاستبدال في 10 من ديسمبر بولاية النيل الأبيض، وأضيفت ولاية سنار لاحقاً في المدة من 18 إلى 31 ديسمبر، وكان التمديد الأول حتى 30 ديسمبر للولايات التي بدأت عملية الاستبدال في 10 ديسمبر. ومدد البنك للمرة الثانية فترة الاستبدال حتى 6 يناير 2025 في جميع الولايات التي بدأت بها العملية. يُذكر أن الاستبدال لم يشمل ولايات إقليمي دارفور وكردفان، إضافة إلى ولايتي الخرطوم والجزيرة.
في النيل الأبيض
تُعدّ حالة ولاية النيل الأبيض أشدّ غرابةً في ما يخصّ جغرافيا العملة القديمة. يقول محمد حمد، وهو عامل من الدويم، التابعة لولاية النيل الأبيض لـ«أتَـر»، إنّ العملة القديمة تعمل على نحوٍ طبيعي في الدويم والقِطينة وشمالاً حتى ولاية الخرطوم.
حتى تاريخ اليوم، وباستثناء ولايتي الخرطوم والجزيرة اللتين لم تشملهما إجراءات استبدال العملة، لم تبدُ بوضوح ظاهرة تداول العملة القديمة في باقي ولايات السودان، وذلك بعد إجراء بحث موسّع من مراسل «أتَـر» في الولايات المستهدفة بإجراءات استبدال العملة، إضافة إلى ظواهر أخرى في بعض الولايات، حيث وُجدت أسواق سوداء لاستبدال العملة القديمة بالدولار بسعر صرف أقلّ مقارنة بالعملة الجديدة.
أما بالنسبة للتداول الشعبي للعملة القديمة، فقد ظهر بوضوح أنّ ريف المتمة هو الظاهرة الأكبر من نوعها، باستثناء الأسواق في المناطق الحدودية السودانية، فحتى المناطق الريفية المحاذية لولاية الجزيرة في إقليم النيل الأزرق وشرق السودان لم تعد لتداول الفئات القديمة، عدا جزء كبير من ولاية النيل الأبيض.
وتُعدّ حالة ولاية النيل الأبيض أشدّ غرابةً في ما يخصّ جغرافيا العملة القديمة. يقول محمد حمد، وهو عامل من الدويم، التابعة لولاية النيل الأبيض لـ«أتَـر»، إنّ العملة القديمة تعمل على نحوٍ طبيعي في الدويم والقِطينة وشمالاً حتى ولاية الخرطوم.
يقول سكّان في النيل الأبيض، استطلعهم مراسل «أتَـر»، إن إجراءات استبدال العملة شملت مدينتي كوستي وربك فقط، وفي فترة الاستبدال كان على المواطنين في بقية مدن وأرياف النيل الأبيض التوجّه إلى كوستي وربك لاستبدال أموالهم، وهو الأمر الذي سبب ارتباكاً واضطراباً كبيرين، ما حدّ من نجاح العملية في منطقة واسعة تمتدّ من الدويم والقطينة حتى ولاية الخرطوم. يقول محمد حمد، إنه لا يذكر أبداً تعامُل الناس بالعملة الجديدة في الدويم. وقد لاحظ أنّ البنوك تقبل توريد العملة القديمة وكأنّ شيئاً لم يكن.
متحدّثاً لـ«أتَـر»، يرى ضابط شرطة حقوقي، فضّل حجب اسمه، أنّ اقتصار استبدال العملة على بعض المناطق دون غيرها قد خلق أيضاً وضعاً قانونياً مُرتبكاً يشبه الى حدّ كبير الأسواق الحدودية بين الدول التي تختلط فيها العملات الأجنبية بالمحلية، وهذا الوضع بين الولايات يجري التعامل معه استناداً إلى أوامر الطوارئ، إذ أصدرت أوامر طوارئ في الولايات المشمولة بالاستبدال، ونصّتْ على عقوبات لا تزيد عن السجن خمس سنوات ومصادرة العملة والمركبات والأدوات المضبوطة.
لكن الضابط يشير إلى أن أوامر الطوارئ هذه تعتمد على التقديرات الفردية لرجال الشرطة والأمن، فمقدار التداول والحيازة وملابسات التداول وتقديرات الحالة العامة للمجتمع جميعها تؤدّي دَوراً في اتخاذ رجل الشرطة إجراءً تجاه الظاهرة التي أمامه.
علاقات الجغرافيا والاقتصاد
في ما يبدو أنّ الحرب وانفعالاتها توجّه الاقتصاد وتشكّل الجغرافيا الحية، فمحليات الدويم والقطينة وأمْ رِمتة محاطة بولايات الجزيرة والخرطوم وشمال كردفان، وهي ولايات أباحت فيها الدولة التداول بالعملة القديمة، ولهذه المناطق ارتباط تجاري وثيق بهذه الولايات، خاصة الجزيرة.
وفي ما يبدو أنّ الحرب وانفعالاتها توجّه الاقتصاد وتشكّل الجغرافيا الحية، فمحليات الدويم والقطينة وأمْ رِمتة محاطة بولايات الجزيرة والخرطوم وشمال كردفان، وهي ولايات أباحت فيها الدولة التداول بالعملة القديمة، ولهذه المناطق ارتباط تجاري وثيق بهذه الولايات، خاصة الجزيرة.
وفي مكان بعيد آخر في الشمال، في الولاية الشمالية، يتداول المواطنون العملة القديمة في منطقة التمتام، وهي نقطة تضمّ مسجداً ومحطتي وقود وقهاوي وتُعدّ استراحة مسافر على طريق شريان الشمال الصحراوي الطويل الذي يربط مدينة الدبّة بأم درمان. تبعد قهاوي التمتام 147 كيلومتراً من الدبة، وهي أقرب لأم درمان حيث تبعد 60 كيلومتراً فقط.
وقبل حرب 15 أبريل 2023، كانت مناطق ريف المتمة شمال ولاية الخرطوم تعتمد بنحو كامل على الحركة التجارية مع أم درمان وولاية الخرطوم عامة. أما بالنسبة لمدينة شندي فقد كانت مرتبطة أكثر بالاحتياجات والمدخلات الزراعية، بينما تعدّ أم درمان السوق الرئيس لمحاصيل ريف المتمة.
بعد الحرب، اضطربت الحركة التجارية مع الخرطوم، وانهارت مبيعات المحاصيل خاصة البصل، ما اضطرّ التجار والمزارعين لاتخاذ أسواق بديلة في الريف الشمالي لأم درمان، وصارت مناطق ريف المتمة تعتمد بالكامل في التسوق على مدينة شندي التي تبعد 64 كيلومتراً عن قرى الكُمُر، وهي أقصى منطقة عن أم درمان، والتي رجعت للتعامل بالفئات القديمة.
يمكن تفسير الأمر بأنّ علاقة ريف المتمّة بأم درمان أقوى من علاقته بمركز المحلية في المتمة، أو مدينة شندي، أو لأنّ أم درمان أقرب إلى ريف المتمة.
