
اللوحة من أعمال الفنان Medo Kagonka
أم درمان، الثورة، 17 يوليو 2024
أنا في أم درمان الثورة حالياً، أصلاً كُنت ساكن الفتيحاب، لكن بسبب الحرب والتدوين رحلنا الثورة في بيت من البيوت الأهلها سافروا ومحتاجين زول يقعد ليهم في البيت، مشينا لأنو ما عندنا خيار نسافر برا الخرطوم أو السودان.
المويه عندنا مستقرة آخر 4 شهور دي، لكن الكهرباء بتقطع وتجي، نفس القطوعات الكانت قبل الحرب، زي جدولة كدا معمولة، ونقول الحمدلله إنها بترجع لأنو في مناطق تمت سنة ما عندهم كهرباء. المويه أحسن شديد ومتوفرة في المواسير، مرات بتحتاج الموتور ومرات براها بتكون شغالة.
الأكل والشراب ما قطع في أم درمان دي حسب العارفو، وحالياً للآن الأسواق الشغالة (صابرين، سوق 17، سوق خليفة، وسوق لفة الـ 30)، وفيهم تموين، بس الناس أصلاً ما عندها قروش، مافي زول بصرف مرتب أو غيرو، أغلب الناس معتمدة على أهلهم أو أولادهم برا السودان، والباقين شغالين في السوق أو أي شغل باليومية عشان يجيبوا أكل، بالذات الدقيق والعدس والبقوليات، دي كلها مهمة، ونحن السودانيين ما بناكل غيرها، بالإضافة لدقيق الكسرة لأنو الرغيف غالي والأفران الشغالة ما كتيرة.
الناس بتتحرك بين الأحياء بالمواصلات عادي، لكن أكتر شي متوفر الركشات والمواتر، لأنها بتقدر تتحرك أسرع وأحسن في كل الشوارع، والأسعار زادت شوية من قبل الحرب، يعني أسي أنا مشيت أمبارح من الثورة الحارة السابعة لحدي مستشفى النو بتاع الركشة أخد 1,500 جنيه، ودي باعتبارها مسافة قريبة شديد.
الوضع الصحي ما بقدر أقول كعب، في مراكز صحية صغيرة كتيرة شغالة، وياهو في مستشفى النو، وفي مركز في الـ 21، وفي مهداوي، وغيرهم كتار جداً من المراكز الصحية، لكن المستشفى الما وقف أبداً من بداية الحرب هو مستشفى النو، رغم إنو الناس الشغالين فيهو إذا دكاترة أو متطوعين اتعذبوا شديد، مرات تدوين ومرات اعتقالات وحاجات كتيرة بتحصل ليهم بصورة يومية.
الناس بتتعامل مع القوات الفي المنطقة بطريقة كويسة، الشهور الفاتت كان في تفلتات من ناس الجيش ذاتهم وسرقات وتهديد، واتهامات للناس، لكن اتحسمت وقلّت شديد الحاجة دي، لأنو إتعملت قوة مشتركة فيها كل الوحدات، وبقت مشرفة على القوات دي كلها.
بالنسبة للاستنفار ساهل، وما حاجة صعبة، إنت بس بتختار الوحدة العايز تنضم ليها، مثلاً وحدة الاستخبارات، وبعد تحدد إنك عايز تنضم لياتو وحدة بتمشي تبلغ في أقرب وحدة عسكرية ليك، لو ساكن الفتيحاب بتمشي تبلغ في المهندسين إنك عايز تنضم، ولو ساكن الثورات بتمشي كرري.
الحياة شبه طبيعية، في أقسام شغالة، وفي محاكم برضو شغالة يومياً، بس الوضع الأمني كعب لأنو التدوين دا ما حصل وقف، وبجي من منطقتين، من أمبدات غرب أم درمان لأنو فيها دعامة، وبجي من جهة بحري برضو تدوين بصورة كبيرة، الناس ديل عادي في اليوم الواحد بيفكوا أكتر من 30 دانة بصورة عشوائية شديد، بتقع في بيوت الناس، وفي عدد كبير من مواطنين أم درمان فقدوا أطرافهم بمختلف الأعمار كبار أو صغار. المتطوعين في مستشفى النو بتكلموا عن إنو أسبوعياً بجوا ما أقل من تلاتة أو أربعة أنفار فقدوا أطرافهم بسبب التدوين والحاجة دي لا في ليها علاج لا خدمات كويسة لا أي شي بس بستأصلوا الطرف تماماً وتواصل تعيش كدا حاجة كعبة شديد ومنظرها بشع ومُكرّرة يومياً بسبب تدوين الدعم السريع من جهة بحري أكتر من جهة غرب أم درمان.
سنار ـ القضارف ـ كسلا ـ عطبرة ـ المناصير ـ بربر، 16 يوليو 2024
أنا إتحركت من سنار لكسلا قبل أحداث سنجة، وأنا أصلاً نازحة من الجزيرة، وقعدت في سنار فترة، وقبل الحصل في سنجة كنا بنشوف أحداث مشابهة ليها مثلاً، زي الاشتباكات اليومية في جبل مويا وجبل سقدي بكون في ضرب رصاص وصوت دانات، وحتى في سنار المدينة المستنفرين كانوا بضربوا سلاح كنوع من التمشيط والرصاص والطِّلَق كانت بتقع في الحيشان بصورة يومية وأصلاً الوضع كعب وما آمن، إتحركنا من سنار لكسلا يوم الخميس وعايزين نصل نهر النيل عطبرة ناس البصات قالوا لينا إنو الشارع، بياخد أربعة أيام أقل شي، وفي بصات بتمشي في أيام أقل، لكن السواق بقول ليك أنا ما مسؤول من أي شي في الشارع لأنو بمشي بشوارع تانية خلا كدا، يقلّل بيها الزمن. ركبنا مواصلات عادية وطلعنا من سنار، مشينا بشارع سنجة، عدينا كوبري سنجة وكوبري الدندر وبعد داك أب رخم من أب رخم دي الشارع بقى سيئ شديد كلو دقداق وحفر، وكان في شوية أمطار مخلية الشارع أصعب، والحافلة بتمشي براحة شديد لدرجة إننا قعدنا في أب رخم حكاية أكتر من ساعتين بسبب الحفر والطين، عشان بس نعدي كوبري أب رخم، وطبعاً معانا ناس عيانين وكبار سن وما قادرين يستحملوا أبداً، وصلنا مدخل القضارف الساعة 6 مساءً.
أول ما وصلنا ناس الجيش قالوا لينا ممنوع أي عربية تدخل القضارف بعد الساعة ستة، لأنو في حظر تجوال وبتاع البص اضطر يرجع بينا تاني لحتة قبل القضارف اسمها (القدَمْبَلية) فيها استراحات، وبتنا فيها، هي ما آمنة طبعاً، لكن مافي محل نبيّت فيهو أقرب منها، والناس كتيرة شديد غيرنا، وكلنا بنقوي قلبنا ببعض ونطمّن بعض إنو نبيت هنا، وبكرة ندخل القضارف، والحتة كلها خلا بس في سراير مجدعة الناس بتأجرها ترقد فيها للصباح. الساعة 5 صباحاً كلنا ركبنا البص واتحركنا تاني على القضارف المسافة زي 40 دقيقة كدا ونحن ماشين شايفين في مدخل القضارف الآلاف من الناس والعربات والشاحنات والدفارات وأي شي، ووقفنا قي تفتيش مدخل القضارف 5 ساعات، وبعد ما دخلنا القضارف كل كم شارع بوقفونا وبكون في تفتيش، ودا زاتو ما بس عبارة عن هويتك وجاي من وين، لا كانوا بنزلونا كلنا وبفتشوا من أكبر شنطة لحدي أصغر محفظة، ولو معاك كاش كتير بسألوك جبتو من وين، وبفتحوا تطبيق بنكك يشوفوا المبلغ العندك كم، إذا القروش كتيرة بقولوا ليك إنت شغال شنو وماشي لمنو، لحدي ما وصلنا تفتيش بين القضارف وكسلا كان اليوم انتهى والمغرب قرّب ودا أصعب من التفاتيش الفاتت، بالذات للنسوان لأنو كان في تفتيش شخصي شديد، عندهم مستنفرات بنزلونا نحن النسوان كلنا وبدخلونا في خيمة ولازم تفتحي العباية أو تقلعي التوب تماماً، ويشوفوا لابسين شنو، وشايلات معانا شنو، وكانت حاجة مهينة شديد حتى شعرنا فتشوهو، والعساكر بشيلوا التلفون بفتحوا واتساب وبشوفوا المحادثات والريكوردات، والاستديو كلو، بشوفوا كل الصور والفيدوهات وبرجعوا التلفون بمزاجهم وفي الوقت العايزنو. وصلنا كسلا المغرب قعدت فيها يومين وبعداك من كسلا لعطبرة، الطريق ما كان صعب لأنو كان إسفلت بس المسافة بعيدة.
عطبرة طبعاً زحمة شديدة وملانة مستنفرين واقفين في الميناء البري وفي كل المواقف الكبيرة والأسواق، بسألوك ماشي لمنو وإنت منو، بالذات لو بت مسافرة براك، وليه أهلك خلوك تسافري براك وأسئلة ما مهمة في الوضع النحن فيهو، لكن الواحدة بتضطر تجاوب على أي شي وبقولوا ليك معاك منو، وليه أصلاً نزحتي وحاجات كتيرة شديد مزعجة. بعد عطبرة ركبت جيت حتة اسمها الشرفة بعيدة شديد، أقرب سوق ليها في بربر، ما فيها خدمات، ما فيها أي شي، وهنا طبعاً البيوت تقليدية ومبنية من طين، لكن رغم دا الإيجارات غالية شديد، وطبعاً مافي مدارس تبقى دور للنازحين لأنو العام الدراسي هنا شغال عادي، كأنو مافي حرب، لكن الحكومة عملت مراكز في المناصير مرقمنها من القرية واحد لحدي ستة. القرى الفيها كهربا هي واحد واتنين، وأصلا ملانات ما فيهم محل فاضي، كل البيوت ملانة، باقي الحتات فيها بيوت عديل مبنية، مرات غرفة أو غرفتين وحمام لكن لا كهرباء لا مويه، وبعيدات من المدينة، وفي قرية تانية قريبة لعطبرة اسمها النهضة ملانة ناس لكن برضو لا كهرباء لا مويه ورغم دا أقل بيت بـ 350 ألف في الشهر.
الأسواق في نهر النيل عموماً غالية، الخضار غالي شديد، الحليب غالي، كيلو البامية بـ 10,000، تلاتة حبات أسود بـ 2,000 ودي أرخص أسعار و 8 عيشات بـ 1,000.
المويه أصلاُ موصلين من البحر، وأي بيت عندو بير براهو، المويه بتكون شغالة والكهرباء برضو شغالة، والأسواق فاتحة عادي والناس بتتحرك ببكاسي معروشة من فوق، وفي التاكسي وركشات بتوصلك لحدي سوق بربر العربات الصغيرة من 2000 وإنت ماشي والركشات من 5.000 وأنت طالع.
المستشفيات واقفة كلها إلا مستشفى بربر، ومركز صحي في منطقة نقزو، وما شغال كل الأيام، والناس هنا بتعاملوا مع الجيش والمستنفرين وغيرهم بتعظيم شديد وكحاجة خطيرة جداً والمستنفر دا من حقو يعمل أي حاجة وبدعموهم بقروش.
والقوات الهنا بتعاملوا مع الناس كأنهم أوصياء عليهم حتى لدرجة إنو الزول لو عايز يستنفر بمشي يقدم طلب بسألوا إنت ود منو وجنسك شنو وجاي من وين حتى بعداك ممكن يقبلوك أو لا.
المحاكم وأقسام الشرطة شغالة عادي، حتى المدارس والحياة عادية، لكن كل يوم بنسمع إنو قبضوا ناس دعامة وحاجات زي دي.