
محلية الميرم، غرب كردفان - حدود جنوب السودان، 5 أغسطس 2024
شكْل اليوم من بداية الحرب للآن مكرر شديد، نفس اليوم بتكون عايشو شهور كتيرة، تصحى من الصباح الفطور بالموجود والغداء بالموجود، وفي ناس ما عندهم غير وجبة واحدة، ومافي حل غير الصبر، وكل يوم الوضع ماشي يبقى أسوأ من اليوم القبليهو، لأنو مافي دخل، ما في موارد مافي صحة ولا غذاء.
نحن رحلة نزوحنا بدت من محلية الميرم للمناطق والقرى القريبة من الميرم، وهم عبارة عن رحلتين نزوح، الأولى كانت قبل شهر و7 يوم قبل دخول الدعم السريع للميرم، والناس نزحت لأنو كان في تدوين من حامية الجيش على الأحياء، والناس خافت وقاموا نزحوا كلهم للقرى التانية القريبة والبعيدة زي (العضام، جلحة، شقادي، السناديل، التهمة، الحريكة، معاطي، الفودة، جيغينة، الجرارة، وطوال)، وغيرها من القرى، وحالياً بقت عبارة عن حتات ملانة جداً بالنازحين. وبعد سقوط حامية الميرم على يد قوات الدعم السريع، وانتشروا كلهم في المنطقة في ناس بدت ترجع بيوتها، لأنو حصل تأمين للأسواق والناس قالت أحسن تكون في بيوتها بدل تكون مشردة في القرى ومعاهم الأطفال والنسوان الحوامل وغيرهم.
بعد ما الناس رجعت وتمت يوم واحد بس، الطيران بدأ يحلق في سما الميرم، وكنا خايفين شديد، الطيارة في أول يوم دا قصفت ورمت ما أقل من 10 براميل، والأغلبية منها في بيوت الناس، وفقدنا أهل وأصدقاء من بينهم واحد أخونا، مات هو وطفلة وود عمو وولد جيرانهم، كانوا قاعدين في بيتهم، وفي مجموعة من الناس ماتوا في الحادث دا، وفي عدد كبير من المصابين، بعد الحادث دا بدت رحلة النزوح الكبيرة، وكل مواطنين الميرم بدوا ينزحوا، والفترة كانت صعبة شديد، لأنو الخريف بدا والمطر ملا الشوارع، والحركة بقت قاسية، وفي باعوض منتشر بطريقة ما عادية، وبرضو ناس الحساسيات والأزمة تعبوا جداً، دا غير ناس الأمراض المزمنة، سكري، ضغط، وكلى، الرحلة كانت متعبة شديد.
الأسواق هنا أصلاً أسواق موسمية، ومع الحاصل دا كلها قفلت، وحتى الحاجات الفي الناس اشترتها بسرعة، وما فضل شي يعني، مافي تموين أو أكل أو شراب، وحتى الموية الناس شربت من موية المطرة في الشارع وفي الخلا والخيران، وطبعاً المسافات بعيدة من البيوت للسوق، ومن السوق للمحليات التانية الخارج محلية الميرم زي المجلد.
حالياً المواصلات من الميرم للمجلد يوم الأحد الفات بـ 50,000 جنيه وهي مسافة أقل من 100 كيلومتر، ودي زاتا صعب تلقاها لأنها أقل سعر، ودا سبب في زيادة أسعار السلع الاستهلاكية كلها، وحالياً شوال الذرة اليوم بـ 250,000 ألف، وشوال السكر 50 كيلو سعره أكتر من 170,000 ألف، وكل السلع أسعارها ارتفعت شديد مقارنة بالفترة الفاتت.
الحاجة العايز أقولها إنو رغم مناشدة قوات الدعم السريع إنها بسطت الأمن وما حتسأل المواطنين وبدوا يكوّنوا شكل من أشكال الدولة في المحلية، لأنهم رجّعوا المدير التنفيذي للمحلية والموظفين برضو، واتكونت لجان فيها إدارات أهلية وعدد من الشباب عشان يشرفوا على المحلية والخدمات الفيها، لكن لسه مافي أمان والمواطنين ما رجعوا للآن.
وطبعاً مافي مستشفيات شغالة، ولا مراكز صحية، وحتى جُوّا مراكز الإيواء مافي خدمات صحية، وفي مشاكل كبيرة زي الإسهالات والالتهابات وناس الأمراض المزمنة حالتهم تعبانة شديد والله، الحتات النزحنا ليها دي استقبلونا فيها الناس كويس، والتعامل كان طيب، لكن هم أصلاً ناس بسيطين، والمنطقة مثلاً زي القرى المشيناها دي كضرب مثل لو فيها 200 نسمة بجوا داخلين فيها نازحين عددهم ما أقل من 3000 نسمة، ودي كانت واحدة من أكبر المشاكل إنهم ما قادرين يقدموا لينا حاجة، ونحن كل العندنا أكلناه وشربناهو وما عندنا مصدر دخل أو حاجة نعتمد عليها، رغم إنهم أهلنا لكن بقينا عبء وأزمة زيادة عليهم في موضوع الغذاء والموية والأدوية.
في الميرم حالياً في محاولة لتكوين محاكم شعبية، عشان الناس إذا رجعوا يقدروا يضبطوا الأمن بتاع المحلية، واسي في تأمين للسوق والمؤسسات ومباني المنظمات والدوانكي، لأنو دي أهم حتات، بالذات الدوانكي، لأنها شغالة بمشاريع طاقة شمسية، ومهم إنها تكون آمنة والناس تشرب منها. حالياً كل الإدارات الأهلية والشباب قالوا إنو الناس ترجع ويكونوا قاعدين في بيوتهم لأنو حالياً الدنيا خريف والمطر كتير، لكن لسه في مخاوف من الطيران والقصف العشوائي البحصل دا، الأمن دا نعمة والإنسان بشعر بيها، ومجرد ما تفقد إحساس الأمان بكون صعب تاني ترجّع الشعور دا جواك، مهما الناس قالت ليك. غايتو نسأل الله إنو الحرب دي تقيف وكل السودانيين يرجعوا بيوتهم.
قرية أبو هشيم، محلية أبو حمد، نهر النيل، 7 أغسطس 2024
نحن رحلة نزوحنا بدت يوم 29/5/2023 بعد الحرب بشهر ونص، طلعنا من شرق النيل، بيتنا أساساً هناك، ومشينا بحري على أساس إنها أخف قدراً من شرق النيل، لأنها مليانة دعم سريع، قعدنا في شمال بحري السامراب بالضبط لمدة شهر، وكان شوية فيها أشكال حياة طبيعية، في مواصلات وركشات شغالة، الأكشاك فاتحة، والناس الببيعوا طعمية برضو شغالين في الشوارع عادي، ومافي انتشار للدعم السريع في الشوارع، بعد داك اتحركنا لي أهلنا في شمال ولاية نهر النيل محلية أبو حمد.
أبو حمد كانت في البداية مكان كويس لينا، لأنو مافي حرب، لكن في مشاكل تانية، مثلاً إنه الحتة النحن فيها، واسمها قرية أبو هشيم مقطوعة، بتبعد من الزلط حكاية بتاعت 4 كيلومتر، ووراها البحر، يعني خلا عديل، ومافي مواصلات إلا عربات صغيرة تمرق بيها من الحلة لحدي الزلط، مافي مستشفيات إلا تمشي مستشفى أبو حمد على بعد 40 دقيقة، أو كمان تمشي عطبرة مسافتها بعيدة أكتر من 200 كيلومتر، وبتاخد أكتر من 4 ساعات عشان تصل، وحتى مستشفى أبو حمد ما شغالة، كل الأقسام ما شغالة، مافي قسم عظام ولا أقسام لعمليات كبيرة، بالإضافة لي إنو مافي علاجات، يعني لو إتكسَرَتْ رجلك داير ليك خمسة ساعات عشان تصل مكان تتعالج فيهو في عطبرة، إذا نفسك إتضايق ساي عندك أزمة أو حساسية مسافة 40 دقيقة برضو مشكلة، واحتمال تروح فيها.
مافي قوات في المنطقة، ومافي أقسام ولا محاكم، ولا أي شكل من أشكال الدولة عبارة عن مناطق نائية، وما بدخلها زاتو زول غريب، إلا زول من البلد أو عندو أهل هناك، وكل الناس بتعارفوا، حتة مقفولة ونائية شديد.
الوضع الأمني هادي جداً، لأنو أصلاً مافي كاكي في الحتة دي، وأصلاً ما فيها أي شي، لا مستشفيات ولا مراكز صحية، لا محلات خدمة مدنية، ولا حتى مرافق حكومية زاتها مافي.
وبحكم إنو القرية دي ملاصقة للبحر، السيل جاها من فوق ووراها في بحر، السيل جاي من حتة عالية ومندفع، وموية بكميات كبيرة، والشفتو أنا بعيني بيت ود خالي ما فضل ليهم حاجة، طلعوا بتلاجة بس، لا هدوم لا ورق لا أثاثات لا أي شي، كل الحاجات دي شالها السيل، والحلة الجنبهم اتشالت كلها ما فضل ليهم ولا شي غير الهدوم اللابسنها، ونحن يميننا وشمالنا دي إتمسحت تماماً ما فضلت حاجة، ونحن في النص شوية وضعنا أخف، البيوت وقعت لكن العفش قاعد ما شالتو الموية، وفي حلة تانية قدام مننا فضل فيها الزاوية بس (مسجد صغير)، تاني ولا شي فضل، والحتات الحولنا دي ما بعيدة، كلها مثلاً مسافة 500 متر يميننا و600 متر شمالنا، ديل في مجرى السيل بالضبط، عشان كدا كل الحاجات مشت البحر، والسيل انتهى منهم تماماً، كل حلة فضل فيها بالكتير بيت واحد أو اتنين سليمات، معظم البيوت إتمسحت بي عفشها، بيتنا كان صامد لكن حيط الحوش إتهدمت، الناس قاعدة في المساجد وفي عرباتهم والأطفال ببكوا والحمد لله على كل حال.