أتر

أصوات تحت الحصار (47): من أمدرمان، ووادي حلفا

أم درمان الثورة، 18 سبتمبر 2024

أنا ساكن في محلية كرري الثورة، الحارة التامنة، شرق مستشفى النو، وبتشغل في التكية، وهي أقدم تكية إتعملت في محلية كرري من قبل الحرب. شغالين لينا قريب خمسة سنوات، وكنا بنشتغل أكل أصنافه محددة، وأول ما بدت الحرب وسّعنا الشغل، وبقينا نعمل أصناف كتيرة (فول، عدس، فاصوليا)، وشباب الحارة مجتهدين في الشغل معانا، بالإضافة للشباب الضيوف الوافدين في الحلة، الحمد لله ما لقينا منهم إلا الخير، الناس ديل تعبانين تعب شديد، وممكن تقول شغالين 24 ساعة في التكية، من الصباح ببدوا بأنهم يبلوا الفول، وطول اليوم متابعين الحلل والأكل، ونحن بنعمل في اليوم الواحد تسعة أرباع بتاعت فول، يعني تقريباً شوال إلا ربع لأنو الشوال الواحد فيهو 12 ربع ونص، وبنعمل معاهم شوالين عدس، ونص شوال كبسة، وأربع أرباع فاصوليا. 

الشباب ديل كلهم أول شي بعملوهو الصباح ببلوا الفول في المويه، وبطلعوا يمشوا الحارات التانية وود البخيت، يقطعوا الأشجار يجيبوها، بعداك برجعوا بيوتهم يرتاحوا شوية ساعة أو نص ساعة، بجوا بعداك راجعين يرفعوا الفول في النار، وبعدها بتجمعوا عشان يكسروا الحطب لحدي واحدة ضهر، هم بكون متابعين الفول والحلل الفي النار كلها لحدي ما تنجض تماماً، الساعة 3 كدا بعملوا العدس عشان بعد داك التوزيع يبدا المسا الساعة لكن نحن من الساعة 6 الحاجات كلها بتكون جاهزة، كنا بنوزع رغيف مع المواد، وكانت الحاجة دي عاملة لينا زحمة لأنو الناس بتجي من الإسكانات وحتات بعيدة شديد من الحارة 51 و52 وحتات كتيرة. الحمدالله أسي حلينا مشكلة الزحمة، وعملنا ديباجات، أي زول بياخذ ديباجة معينة وبلقى الماعون بتاعه ملان بالوجبة. 

 بالنسبة للإصابة بتاعتي دي قصتها طويلة جداً، أنا أصلاً كنت مسؤول من لجنة الخدمات والتغيير في الحلة، وفي صباح اليوم الإتضربت فيهو قبل 8 شهور تقريباً كنا واقفين في الشارع، جات مكالمة إنو عندي ود عمتي اتوفى بدانة وقعت في بيته ودفنوهو في البيت في أمبدة، والعزا كان في الحارة التاسعة جنبنا، وقلنا نمشي العزا، جاتني مكالمة من بتاع الغاز إنو حيجي بعد 10 دقايق، وأنا العندي مفاتيح المكتب، فقلت لأخوي يمشي قدامي وأنا قلت أنتظر الغاز أستلم الأنابيب وبعد داك أمشي، وفعلاً استلمت الغاز وقفلت المكتب وطلعت، وأنا طالع في دانة وقعت قريب مننا، وقالوا وقعت في بيت مأمون صاحبنا، والحمد لله أطفاله ما جاتهم حاجة، واليوم كلو استمر دانات بتقع، ونحن بنحاول إنو مافي ناس تتجمع وأي زول طلع سليم يمشي الجيران أو أي بيت مسلّح، وعندي صحبي اتصاب بدانة قدامي وجلابيتو كلها إتملت دم لكن كانت إصابة خفيفة، بعد داك أنا كنت في الميدان ماشي براي وقعت الدانة الخامسة تقريباً وصَابتني في الرجل واليد، وأسعفوني للمستشفى، وبعد داك أخواني سفروني لعطبرة لأنو مافي مكان قريب مناسب للعملية، ولحظة وصولي عطبرة بعد ربع ساعة دخلوني عملية مستعجلة، وحاولوا إنو ينقذوا الرِّجِلْ ويعالجوها، لكن ما كان في خيار غير إنو تتبتر، وفعلاً اتبترت بعد خمسة أيام من فوق للركبة، وأسي الرجل بدت تتعافى تقريباً، ومفترض أكون ركبت الطرف الصناعي لولا  الظروف النحن فيها حالياً بسبب الحرب والظروف المادية 

ومن أصعب المواقف والحاجات المرينا بيها فترة العمليات إنو كنت بحتاج دم كتير، وأخدت أكتر من عشرين قزازة، والمستشفيات مافيها احتياطي للعمليات العاجلة، دا غير موضوع القروش، أنا اتحركت بالإسعاف من أم درمان لحدي عطبرة، معاي أخوي الأصغر، والله ما عندنا ولا جنيه، وقفوا معاي الأهل والخيّرين، والشي البقدروا عليهو عملوهو لحدي ما اتعافيت ورجعت أم درمان. 

حالياً في أم درمان واحدة من أكبر مشاكلنا الغلا الشديد بسبب التجار والجشع، وللأسف رغم الحرب والحاصل لكن لسه في ناس عايزة تنهب وتستفيد من الوضع دا، وتستغل حوجات المساكين، والله في ناس بشحدوا حق العيشة الواحدة، وناس طلعت من بيوتهم بهدوم بس ما عندهم، لا مكان لا أكل لا شراب لا حق العلاج، نسأل  الله السلامة وربنا يهون علينا والحرب دي تنتهي وحياتنا ترجع 

قرية سركمتو، جنوب وادي حلفا، 16 سبتمبر 2024

قرية سركمتو بتقع في شمال السودان على بعد حوالي 30 كم من مدينة عبري، وبالضبط جنوب وادي حلفا، وإدارياً تابعة لمجلس ريفي وادي حلفا، نحن أصلاً من سركمتو، أهلنا كلهم مستقرين فيها ما عدا كم أسرة، كنا قاعدين في الخرطوم بسبب الوظائف والقراية وغيرها من الأسباب البتخلي الناس تعيش في الخرطوم 

بخصوص شبكات الاتصال والإنترنت، حالياً زين بس المستقرة، وطول اليوم، مع أنها بتكون ضعيفة جداً، وإلا تمشي حتات عالية أو قريب من الأبراج حقت الاتصالات، لكن موجودة وممكن تعمل بيها إنترنت ومكالمات، وشبكة سوداني من أكتر الشبكات البستخدموها الناس، وشغالة، لكن عندها ساعات محددة من الصباح لحدي 7 مسا، بتقطع تاني ما بتجي إلا بكرة الصباح، والناس اتأقلمت على الموضوع دا. أما شبكة إم تي إن خارج الخدمة تماماً من بداية الحرب قبل كارثة السيول والفيضانات الحاصلة دي كلها، والقرية بتكون معزولة عن العالم الخارجي بالكامل تماماً بالمسا ما عدا الناس العندهم شريحة زين فقط. 

من بداية شهر أغسطس السيول والأمطار جات كتيرة شديد لدرجة إنو ما فضل بيت واقف، فقدنا أي حاجة، أثاثات وأواني وقروش وممتلكات وكل حاجة، وفي أحياء اتمسحت بالكامل، نحن شوية وضعنا أخف لأنو ما كل البيوت وقعت، لكن بنسبة أكتر من 80%، وما فضلت حاجة، وبسبب السيول دي الكهرباء فصلوها كلها لأنو الحيط لينة أو مبلولة بالمويه، والأسلاك الكهربائية كلها واقعة في الأرض، والحاجة دي ممكن تأثر على الأطفال والناس المتحركين عموماً، وبالنسبة للمويه كل الخطوط اتعطلت بسبب السيل، وجزو كبير منها اتكسر تماماً، لكن حالياً الوضع أحسن حصلت معالجات في أسلاك وأعمدة الكهربا، يعني في حتات بعد الأرض نشفت حصلت فيها صيانة وكهربتها رجعت والمويه برضو شغالين فيها، والناس معتمدة على صهريجين كبار كل الحلة بتشرب منهم. 

التموين بجينا من نفس الولاية، لكن من مدن تانية ونحن تابعين لمحلية حلفا، أغلب الأكل بجي من هناك أو مرات بجينا من وحدة عبري الإدارية، وفي حاجات بسيطة بتجي من دنقلا، كل التموين بجي من داخل الولاية، في القرية في دكان واحد كبير، كل الناس بتشتري منو، وأول أيام السيل البيع وقف، وما كان في محل الناس تجيب منو الاحتياجات حقتها، والناس اعتمدت على الإغاثات الجات من عبري، تحديداً الناس العندهم بكاسي قدروا يدخّلوا تموين وأكل للقرية، وبعد الواطة نشفت التموين بقى ثابت بجي من عبري، ومافي زيادات كبيرة في الأسعار، لأنو حتى سيد الدكان البجيب التموين وببيعه لينا نحن أهله، ومافي زول غريب أصلاً عشان يكون في استغلال، والحمد لله باع لينا الحاجات بنفس الأسعار القديمة، كيلو السكر بـ 3 ألف جنيه و7 عيشات بألف جنيه، ورطل الزيت بـ 3 ألف. 

ما كان عندنا مراكز لجوء أو دور للإيواء طوال الفترة الفاتت، لحدي ما جات السيول والأمطار دي، واضطرينا نستخدم المدرسة بتاعت القرية، والمركز الصحي والمسجد، وبقوا مكان للنازحين الكانوا قاعدين مع أهلهم في البيوت، وبعد فترة اتبرعت منظمة صدقات وأدت أي بيت خيمة تتعمل قدام البيت ويسكنوا فيها الناس لحدي ما يقدروا يبنوا الغرف والحمامات تاني من الأول، في مناطق اتمسحت تماماً، دي ناسها قاعدين مع بعض وعملوا تجمعات قاعدين كلهم جنب بعض، وعايشين كدا لحدي ما يقدروا يرجعوا الأحياء حقتهم ويبنوها من الأول زي ما كانت، زي منطقة اسمها شفان، وتيل، ومنطقة دشنة، دي مناطق الناس الاتضرروا فيها عملوا تجمعات. 

الوضع الصحي معتمدين فيهو بالكامل على الدعم الخارجي، سواء كان من الأهل خارج السودان والخيرين أو تدخل المنظمات، والقرية فيها مركز صحي واحد خدماته متواضعة شديد، وكان عندنا نقص في أمصال العقارب، لكن إتوفرت الفترة دي بكميات ما كبيرة، لكن حاجة بتغطي فرقة الطوارئ التبرعات جات من حلفا ودنقلا 

بالنسبة للمستشفيات إذا في حاجة بتستدعي إنو ينقلوا الحالات لمستشفى، الناس بتمشي أقرب مكان ليهم وهو مستشفى عبري، مسافتو نص ساعة من القرية، وإذا الحالة خطرة شديد إلا الناس تمشي مستشفى حلفا حوالي ساعتين أو ساعتين ونص من سركمتو، والحمد لله إنو في الكارثة دي ما حصلت حالات لدرجة الناس تسافر لحدي حلفا، وأغلب المشاكل الصحية كانت لدغات عقارب، هبوط أو ارتفاع في السكر والضغط، ومشاكل بتتحل في المركز الصحي، وفي قوافل طبية جات من القرى القريبة فيها دكاترة وأخصائيين، وأشرفوا على الحالات الخطيرة في الحلة. 

المواصلات وقفت أيام السيل، لأنو الشوارع كلها مويه، وفي خطر كبير على الناس في الحركة، وأصلا مستحيل العربية تتحرك في المويه والطين. الناس استخدمت مراكب البحر والرَّفَّاسات عشان يتنقلوا بيها جوا الحلة لحدي ما الأرض، نشفت تماماً وحالياً الحياة بدت ترجع ووسيلة المواصلات الرسمية التكاتك سعرها أرخص وأسرع شغالين بيها من جوا الحلة لحدي الزلط الرئيسي، ومن هناك ممكن تواصل المشوار بمواصلات تانية 

في شكل للدولة، لأنو عندنا محلية شغالة وحكومة ولاية، ساعدت في موضوع السيول دا، معاهم المنظمات وأبناء القرية بالخارج، التلاتة ديل مع بعض هم سبب في إنقاذ الناس وتقديم المساعدات الفترة الفاتت. 

Scroll to Top