أتر

من بحري وشرق النيل: أوضاع صحية مأساوية ونداءات عاجلة للإغاثة

تداعى الوضع الصحي والإنساني على نحوٍ مُخيف في محليتي بحري وشرق النيل، بالعاصمة الخرطوم، مع غياب كامل لعمل مؤسسات الدولة الصحية، بسبب الحرب المستمرة لأكثر من 17 شهراً بين الجيش وقوات الدعم السريع، وانتشار الأخيرة الواسع في المحليتين، مع تمترس الجيش في معسكراته، وانتشار طفيف في بعض أحياء شمال بحري. يجد المواطنون أنفسهم في وضع مأساوي، وليس لهم من نجاة سوى على أيادي متطوعي غرف الطوارئ.

توقفت جميع المستشفيات في مدينة بحري، بينما تدعم غرفة طوارئ بحري حالياً أربعة مراكز صحية هي مركز صحي الشعبية وسط بحري، مركز صحي السامراب مركز صحي العزبة شمال بحري، ومركز صحي القرى المتحدة ريفي بحري.

وتوقف مركز صحي الكومر، في ريف بحري بمنطقة قري، عن العمل بسبب انقطاع الدعم وفقدان التواصل مع العاملين في المركز، نظراً لضعف شبكات الاتصالات.

وتعمل تسع صيدليات في بحري بدعم من غرفة الطوارئ، بحسب حديث ممثلة المكتب الصحي في الغرفة لمراسل «أتَـر»، وهي صيدلية الجيلي في حي النعماب، صيدلية الحلفايا في الحي الرابع جوار حديقة الحي الرابع، صيدلية نبتة ودردوق في نبتة، صيدلية المزاد في المزاد شمال، صيدلية الدناقلة في الدناقلة جنوب، صيدلية شمبات الأراضي جوار تكية شيخ مختار، صيدلية النيمة غرب ميدان الرابطة، صيدليه شمبات الجنوبية جوار جامع التجانية ومدرسة ود الحاج، وصيدلية شمبات فريق العرب جوار سوق فريق العرب.

أما في شرق النيل، فما زالت عدد من المستشفيات تقدم خدمات طبية، وهي البان جديد، أم ضواًبان، أبودليق الريفي، أبودليق الجديد، إلى جانب مستشفى شرق النيل الواقع بالكامل تحت سيطرة قوات الدعم السريع، مع وجود أكثر من 20 مركزاً صحياً موزعاً بين الوحدات الإدارية بالمحلية تعمل بالدعم الأهلي وبدعم غرفة طوارئ شرق النيل، هي غرفة طوارئ الجريف شرق الطبية، مركز حلة كوكو، بلسم الخير في حي النصر، سوبا شرق، الباقير شرق، الحديبة، الجريف شرق، هب النسيم الخيري، الوحدة، دار السلام، الشهيدة ندى (قيد الصيانة)، خطاب – المايقوما، التعويضات، بارونا، البياضة، أم دوم، العسيلات، الشيخ الآمين، عد أم دوم، كترانج، وأم تكالي

إضافة إلى مركزَي غسل كلى، في مستشفى البان جديد، والحاجة زينب بالجريف شرق»، بحسب ما أخبرت «هند الطائف»، مسؤولة المكتب الإعلامي بغرفة طوارئ شرق النيل «أتَـر».

تفشي الإسهال المائي في بحري

متحدثاً لـ «أتَـر»، أوضح عضو من المكتب الصحي بغرفة طوارئ بحري، أن فترة الخريف وموسم الأمطار في بحري أسهمت في تفشي الأمراض. وتمثل الأرض الطينية موئلاً خصباً لتكاثر البعوض، إلى جانب «نقص المياه الصالحة للشرب، والتي تأتي من الآبار ونهر النيل»، فضلاً عن

نقص الأدوية والعلاجات، وشدد عضو مكتب بحري، على أن أهم طرق الوقاية، إلى جانب التوعية، هي «توفير حبوب أو طلمبات تنقية المياه للحد من انتشار الإسهال المائي».

الإسهال المائي والكوليرا هما حالتان مرضيتان تبدوان متشابهتين، بيد أنهما تختلفان في جوانب تتكشف من خلال الفحص المعملي لتقديم العلاج المناسب. فمن أعراض الإسهال المائي ظهور براز مائي غير متماسك، وغالباً ما يكون مصحوباً بأعراض مثل التشنجات البطنية، والغثيان، والقيء. وينتج عن مجموعة من الأسباب مثل الالتهابات الفيروسية والبكتيرية والطفيلية، أو الغذاء والمياه الملوثة.

يُشخّص الإسهال المائي معملياً، للتمييز بينه وحالات أخرى مثل الدوسنتاريا (الزُحار) الذي يتميز بظهور دم ومخاط في البراز. وتُميّز الكوليرا عن الإسهال المائي مخبرياً، عبر ملاحظة وجود بكتيريا الكوليرا Vibrio cholerae، ويكون الإسهال الناتج عن الكوليرا «أكثر كثافة وسريع التفاقم». u

تشير بيانات غرفة طوارئ مدينة بحري إلى وجود 5,028 حالة إصابة بالإسهال المائي في المدينة في شهر أغسطس فقط، توزعت بين وسط وجنوب بحري بواقع 360 حالة، و555 حالة في العزبة، أما العدد الأكبر فكان في ريف بحري بواقع 4113 حالة بين البالغين والأطفال:

المركز الصحي العدد الكلي للحالات أطفال ذكور إناث
مركز صحي الشعبية 360 85 180 95
مركز صحي القرى المتحدة 4113 740 2165 1208
مركز صحي العزبة 555 252 157 146
مجموع حالات الإسهال المائي في المراكز الثلاثة: 5,028

أوبئة متصاعدة ومعاناة النساء

وحسب غرفة بحري، فإن أمراض الملاريا والتيفويد قد تفشت. ونسّقت الغرفة حملة توعوية وسط السكان الذين «يواجهون نقصاً في السوائل الوريدية والعلاجات. وقد بلغ عدد الحالات الكلي في الفترة من بداية أغسطس وحتى مطلع سبتمبر حوالي 3,342 حالة، بينها 2997 إصابة بالملاريا، وقد كان

متوسط الحالات المترددة على مركز صحي القرى المتحدة في الفترة بين 1 أغسطس و9 سبتمبر حوالي 2275، وهو أكبر عدد من المصابين في بحري.

يقول «صلاح أحمد» أحد سكان بحري لمراسل «أتر»: «لا أعرف أسماء الأمراض المنتشرة، ولكنها منتشرة على نحو واسع، ظهرت قبل 3 أسابيع في حي الديوم بالقرب من الشعبية قبل أن تنتشر بكثافة».

ويضيف صلاح – اسم مستعار بناءً على طلبه – أنه «خلال أسبوعين انتشر المرض في مناطق شمبات الحلة، والأراضي مربع 15. وتتمثل أعراضه في فتور، وألم في الظهر والركب، وحمّى، وصداع، إلى جانب آلام في المعدة»، مشيراً إلى «غياب التشخيص السليم والعلاجات الكافية»؛ مضيفاً أن بعض الناس قد يُظهر الفحص المعملي إصابتهم بفيروس الملاريا، والبعض الآخر لا، «يقول بعض الأطباء إنها ليست ملاريا، ويشيرون إليها بمصطلح الحميات»، على حد وصفه.

«لا بيت في المدينة يخلو من المرض، وفي بعض الأحوال يصاب جميع سكان المنزل»، يقول صلاح، مخبراً أن نسبة الوفيات مرتفعة. وشهدت منطقة شمبات 9 حالات وفاة في يوم واحد، معظمهم من كبار السنّ، ويُعتقد أن المرض هو السبب.

في سياق آخر، أخبرت عضو مكتب السيدات في غرفة طوارئ بحري مراسل «أتر» – طلبت حجب اسمها – أنه «لا يوجد تطعيم للأطفال، وهناك نقص كبير جداً في احتياجات الولادة، كما ظهرت حالات سوء تغذية وعشى ليلي»، مشيرة إلى أن النساء في بحري يحتجن إلى فوط صحية وأدوية متابعة الحمل على نحوٍ مُلِحّ، مشددةً على أن النساء قد تحمّلن كثيراً وتضررن مباشرة من النزاع.

متوسط حالات الملاريا والتيفويد في الفترة من 20 إلى 31 أغسطس في مركز صحي الشعبية:

المرض العدد الكلي للحالات أطفال ذكور إناث
الملاريا 315 65 140 110
التيفويد 270 20 125 125

متوسط حالات الملاريا والتيفويد في أغسطس في مركز صحي العزبة:

المرض العدد الكلي للحالات أطفال ذكور إناث
الملاريا 407 161 93 153
التيفويد 75 10 29 36

التهاب ملتحمة العين

لوحظ في الآونة الأخيرة ارتفاع حالات الإصابة بالتهاب ملتحمة العين في عدد من الولايات، مع عدم معرفة كثير من الناس بطرق التعامل مع المرض والوقاية منه، إلى حدٍّ يُؤدّي إلى مضاعفات خطيرة.وتتبع المكتب الطبي بغرفة طوارئ بحري الحالات في مناطق مختلفة من المدينة.

متحدثاً لـ «أتَـر»، يقول سليمان، أحد مواطني بحري، وهو من أوائل المُصابين بعدوى التهاب ملتحمة العين: «استمرت العدوى 4 أيام، وبدأت بالتهاب حاد في عين ثم انتشرت إلى الأخرى»، ويواصل: «شعرت في البداية بألم شديد كأن هناك حصى داخل عيني، وفي صباح اليوم التالي أُغلقت عيني كُليّاً بسبب الورم، مع موجات دموع مستمرة طوال اليوم».

وذكر سليمان أنه تحاشى الاختلاط بالناس خلال فترة المرض وتلقي العلاج، لكون المرض شديد العدوى، لكن ذلك لم يمنع انتقال العدوى إلى أفراد أسرته والمجتمع المحيط، مضيفاً أنه تلقى «قطرة تاترسايكلين» لأربعة أيام، تماثل بعدها إلى الشفاء.

عدد حالات ملتحمة العين في شهر أغسطس:

المركز الصحي العدد الكلي للحالات أطفال ذكور إناث
مركز صحي الشعبية 365 57 183 125
مركز صحي القرى المتحدة 7200 1152 2160 3888
مركز صحي العزبة 130 73 22 35
مجموع حالات ملتحمة العين في المراكز الثلاثة: 7,695

وضع صحي مريع في شرق النيل

في حديثها لمراسل «أتـر»، وصفت مسؤولة الإعلام بغرفة طوارئ شرق النيل الوضع الصحي في محلية شرق النيل، بأنه شديد السوء، وسط تفشي العديد من الأمراض من بينها التهاب ملتحمة العين، الذي قلّ في مناطق وبدأ يظهر في مناطق أخرى بكثافة، إضافة إلى الإسهال المائي، والملاريا، وبعض حالات الكوليرا وحُمّى الضنك.

وتضيف هند أن أمراض سوء التغذية مثل فقر الدم والعشى الليلي تنتشر بكثافة، وتوفيت 6 حالات بحمى الضنك في سوبا شرق، منهم 3 أطفال.

ولا يختلف الوضع الصحي في محلية شرق النيل كثيراً عن محلية بحري في ما يتعلق

بالإسهالات المائية. وقد حصر تقرير حديث لغرفة طوارئ شرق النيل المناطق والحالات المسجلة حتى 29 أغسطس الماضي، وبلغت 792 حالة، فيما شهدت الفترة الأخيرة تزايداً في الحالات المرضية المبلغ عنها في المستشفيات والمراكز الطبية المختلفة في محلية شرق النيل، وشملت 4 حالات كوليرا توزعت بين مستشفى أبو دليق ومركز سوبا شرق و13 حالة دسنتاريا.

في سياق متصل، أعلن المكتب الطبي في غرفة طوارئ شرق النيل عن ظهور حالات حمى الضنك في منطقة سوبا شرق، في أحياء (الشقيلة، السلامة، الطويراب)، بواقع 43 حالة إصابة، و6 حالات وفاة، وحالتين وصلتا مرحلة النزف.

وأكدت مسؤولة المكتب الاعلامي بغرفة طوارئ شرق النيل، أن حمى الضنك انتشرت في وحدات إدارية أخرى من المحلية، مع وجود وفيات، تعمل الغرفة على حصرها حالياً:

الفترة الحالات تفاصيل وفاة نزيف
1 - 9 سبتمبر 32 7 أطفال 18 ذكور 15 إناث 6 -
11 - 10 سبتمبر 11 3 أطفال 3 ذكور 5 إناث لا يوجد 2

يدق تدهور الوضع الصحي الحاد في محليتي بحري وشرق النيل ناقوس الخطر، ويفاقم من معاناة الفقراء المكتوين بنيران الحرب. في بحري، تتجلى الكارثة في انتشار الأمراض والأوبئة مثل الإسهال المائي، والتهاب ملتحمة العين، إلى جانب الملاريا والتيفويد، مع غياب التطعيمات الأساسية للأطفال ومستلزمات الولادة، مما يعرض حياة الآلاف من النساء والأطفال للخطر.

أما في شرق النيل، فقد ارتفعت حالات حمى الضنك بشكل ملحوظ، مع تسجيل وفيات جديدة وحالات نزف.

Scroll to Top