
عندما دخل كيكل ولاية الجزيرة في 18 ديسمبر 2023 منتصراً على الجيش الذي انسحب دون قتال يُذكر؛ ارتكب جنوده من قوات الدعم السريع فظاعات دامية وانتهاكات غاشمة في حقّ المواطنين العزل، وها هي تتكرّر ثانية في 20 أكتوبر الجاري، بمقدار أشدّ تنكيلاً ودموية، عندما أعلنت السُّلطات الرسمية عن انشقاق كيكل من الدعم السريع وانضمامه إلى الجيش وفقاً لشروط أبرزها العفو العام واحتفاظه برتبة اللواء، التي منحتها له من قبل الدعم السريع، مقابل القتال في صف الجيش.
عندما اندلعت الحرب في الخرطوم قبل اجتياح ولاية الجزيرة بثمانية أشهر، كانت الولاية هي الوجهة المناسبة لملايين الناس، وفيهم رجال الأعمال والحرفيون. اعتقد الجميع بحُسن ظنّ قوي، أنّ مدني والجزيرة ليست مكاناً مناسباً للمعارك الحربية والقتال الدامي وتهجير السكان وإثارة النعرات مهما طال أمد الحرب.
صمد هذا الاعتقاد لثمانية أشهر قبل أن تجتاح مجموعات من قوات الدعم السريع بقيادة أبو عاقلة كيكل ولاية الجزيرة، التي تشير التقديرات الرسمية إلى أنها استقبلت ما بين 3 و4 ملايين نازح من من جغرافيا السودان الواسعة، ونالت العاصمة قصب السبق في من توزّعوا على أفياء مدن الجزيرة وقراها وكنابيها النائية.
نوتة
وفقاً لتقارير المنظمات الدولية والوطنية ولشهود العيان، تعرّضت الولاية لأبشع أنواع الانتهاكات على يد الدعم السريع والمستنفرين، والمجموعات المسلحة المتفلّتة، وجرت عمليات نهب واسعة للأسواق التي كانت ممتلئة بالسلع والبضائع.
وقال برنامج الأغذية العالمي، في بيان، بعد سيطرة الدعم السريع على معظم أجزاء الولاية في العشرين من ديسمبر 2023، وتمددها في بقية محلياتها، إنه فقد ما يزيد عن 2.500 طن متري من الأغذية المُنقذة للحياة، بما في ذلك البقوليات والذرة والزيت النباتي والمكملات الغذائية، بينما قالت منظمة أطباء بلا حدود إنّ مسلحين نهبوا سيارتين وأشياء مختلفة من مقر المنظمة بود مدني، وتبعاً لذلك علّقت نشاطها في المنطقة.
وبالتوازي مع ذلك، وقعت على المواطنين انتهاكات واسعة، من بينها عمليات إعدامات ميدانية وثّقتها كاميرات هواتف المسلّحين أنفسهم، وحالات اغتصاب مروّعة لم تنجُ منها حتى الكوادر الطبية في المستشفيات، وفقاً لإفادات حصلت عليها «أتَــر» من الطبيبة أسماء إبراهيم – اسم مستعار لدواعٍ أمنية – وهي عضو اللجنة التمهيدية لنقابة الأطباء، وقالت إن عشرات حالات الاغتصاب التي جرى توثيقها، بعضها وقع داخل المستشفيات بالولاية.
وفور الإعلان عن انشقاق كيكل وظهوره رفقة قائد منطقة البطانة العسكرية، العميد أحمد شاع الدين – قُتِل من قِبل الدعم السريع في اليوم الثاني لاستسلام كيكل – تعرّضت مناطق شرق الجزيرة لهجوم مباغت من قِبل الدعم السريع من ثلاثة محاور: من جهة سنار، ومن بطانة الجزيرة، ومن شرق النيل التابعة لولاية الخرطوم.
أخبر شهود عيان «أتَــر»، أن قوات الجيش التي استقبلت كيكل احتفلت لساعات وسط مدينة تمبول، حاضرة البطانة، قبل انسحابها منها نحو الشرق. وأوضح الشهود، الذين فضّلوا عدم كشف هوياتهم لدواعٍ أمنية، أن قوات الدعم السريع عندما دخلت المدينة شرعت في استباحتها والتنكيل بسكّانها انتقاماً من القائد المنشقّ الذي ينتمي إلى المنطقة، ولم تتسنَّ معرفة عدد الضحايا بدِقّة حتى اليوم بسبب انقطاع شبكات الاتصالات واستحالة وصول جهات محايدة إلى المنطقة في ظلّ استمرار العمليات.
لكن وفقاً لما حصلت عليه «أتَـــر»، من شهود العيان، فإنّ أكثر القرى التي تعرّضت للانتهاكات في اليوم الأول بعد تمبول هما قريتا «مكنون» الواقعة على بعد 3 كيلومترات غرب تمبول و«الصِّفيتة الغنوماب» الواقعة على بعد 4 كيلومترات غرب رفاعة؛ فقد أطلقت الدعم السريع النار على المواطنين العزل أثناء سيرهم في الطريق العام. وقال شهود العيان، إنّ الانتهاكات طالت جميع القرى الواقعة إلى الشرق من النيل الأزرق ومنها: ود الفضل، المِهِيدات، مجمع قرى السَّدارْنة، ود أبوشام، حدّاف، الفادنية، والخريشية.
وتعرّضت مدينة تَمْبُول لعمليات انتقامية قاسية، إذ قال الشهود إنّ مقاتلي الدعم السريع فتشوا البيوت بيتاً بيتاً بحُجّة البحث عن أقرباء كيكل، وتبعاً لذلك اُرتكب قتل مباشر وحالات نهب ممتلكات المواطنين ومدخراتهم. وبحسب شهادات من المنطقة، أقدمت نساء على الانتحار خوفاً من تعرضّهن للاغتصاب.
قال شهود العيان، إنّ عشرات القرى الواقعة شرق النيل الأزرق، جرى تهجير سكانها على أقدامهم، وسار بعضهم لمدة يومين صوب ولاية القضارف أو مدينة حلفا الجديدة
وانتقلت المعركة إلى القرى المجاورة، حيث كان يجري إطلاق الرصاص عشوائياً، ومن ثمّ عقبت ذلك عمليات مداهمة المنازل وتفتيشها، مثلما جرى في تمبول بحثاً عن المستنفرين الذين هربوا مع كيكل والأشخاص الذين كان يحميهم عندما كان قائداً عسكرياً للمنطقة.
وقال شهود العيان، إنّ عشرات القرى الواقعة شرق النيل الأزرق، جرى تهجير سكانها على أقدامهم، وسار بعضهم لمدة يومين صوب ولاية القضارف أو مدينة حلفا الجديدة.
وقال شهود العيان، إنّ التهجير القسري طال حوالي 235 قرية منها 77 تقع في محلية شرق الجزيرة حول مدينة رفاعة، 28 قرية تتبع لريفي الجنيد والهلالية و130 قرية تقع في ريفي تمبول. أخليت تلكم القرى من سكانها تماماً في سابقة تاريخية ربما تحدث لأول مرة في تاريخها منذ خراب سوبا.
وقبل تفجّر الأحداث التي أعقبت استسلام كيكل، كانت مناطق شرق الجزيرة التي تخضع لسيطرة مناصريه تعيش حالة هدوء نسبي مقارنة بالمناطق الأخرى. ويقول عدد من التجّار العاملين في سوق تمبول الذي تعرّض لسرقات واسعة في الأحداث الأخيرة، إنّ السوق كان يُغطّي حاجة السكان حتى مدينة ود مدني وريفها.
وأكّد شهود العيان، أن كيكل الذي كان يتخذ مدينة تمبول مقراً عسكرياً له، وفّر حماية كبيرة لسوقها، وكذلك لسوق رفاعة، ما جعل كثيراً من التجار ينقلون أنشطتهم التجارية من بورتسودان والقضارف إلى تلك المناطق.
ووفقاً لشهود عيان ورصد أجرته مجلة «أتَـر»، سحبت قوات الدعم السريع جميع أجهزة الإنترنت الفضائي «ستارلينك» من مناطق شرق الجزيرة، ليتعذّر الحصول على معلومات حول ما يحدث، وحجم الكارثة التي تُحيط بالناس هنالك، باستثناء بعض النداءات المبذولة على وسائل التواصل الاجتماعي، ممن استطاع النجاة إلى مناطق الفاو وحلفا الجديدة، قائلين إن قوات الدعم السريع، تمنع خروج المواطنين وإن نجحوا في الخروج فإنهم يتعرضون لعمليات النهب وشتى الانتهاكات.
لم تكتفِ قوات الدعم السريع بمهاجمة قرى ومناطق شرق الجزيرة فحسب، بل هاجمت قريتي السريحة وأزرق شمال ولاية الجزيرة، مع هدوء نسبي تشهده مناطق غرب الجزيرة وجنوبها، التي كانت مشتعلة سابقاً. وامتد الترويع على امتداد النيل الأزرق حتى حلّال ولاية سنار.
نوتة
حمّلت جهات محلية ودولية وإقليمية عديدة قوات الدعم السريع ما يحدث من انتهاكات في قرى الجزيرة ومناطقها، واصفة ما يجري بأنه جرائم تطهير عرقي وعنف جنسي موجّه ضد المدنيين، بينما ذكرت منظمة إنقاذ الطفولة نزوح 27 ألف طفل خلال الأسبوع الماضي. كما أعلنت «شبكة صيحة» انتحار نساء، تعرّضن للتعذيب والاغتصاب في شرق الجزيرة، من قِبل قوات الدعم السريع، وأفادت الشبكة أن قوات الدعم السريع قتلت في 21 أكتوبر 120 من صيادي ومزارعي الهوسا في قرية أم شوكة بولاية سنار.
في يوليو 2024 أُعلن عن منصة تحمل اسم «مؤتمر الجزيرة»، وورد في ديباجتها الأساسية أنها تُشدّد على العمل بجميع الوسائل والأدوات على ملاحقة قوات الدعم السريع قانونياً وسياسياً وإعلامياً؛ لأنها «المسؤول الأول والمباشر عن الجرائم والانتهاكات والفظائع التي أدّت إلى نزوح أهالي الجزيرة خارج الولاية»، كما شدّدت على الضغط بجميع الوسائل على قيادة الجيش لتتحمل مسؤولية قرار الانسحاب من الولاية، والعجز الكامل عن حماية المدنيين، وعدم الجدية في التحقيق الذي أعلِن عنه والخذلان المتكرر من الجيش وعدم التحرك لإيقاف المجازر والمذابح التي تحدث في معظم قرى الجزيرة.
متحدثاً لـ «أتَـر»، يروي أحمد المصطفى – اسم مستعار لدواعٍ أمنية – أنه في صبيحة يوم 20 أكتوبر، دخلت ستّ عربات قتالية تابعة للجيش إلى مدينة تمبول بمحلية شرق الجزيرة، وخرج الأهالي لاستقبالهم. في الوقت ذاته، انسحبت القوات التابعة للدعم السريع من المنطقة، لكن لم يمضِ وقت طويل حتى غادرت قوات الجيش القرية، ليعود بعدها عناصر من الدعم السريع الذين هاجموا السوق ونهبوا المحال وقتلوا عدة أشخاص من حي العيشاب.
لاحقاً، تحرّكت قوة الدعم السريع إلى حي العَقَدة، حيث توجد قوات موالية لأبوعاقلة كيكل، غير أنه لم يحدث أي اشتباك. وفي اليوم التالي، تقدّم الجيش السوداني بمساندة فزَع من قبيلة الشكرية في معركة عنيفة بدأت في الساعة الخامسة عصراً واستمرّت حتى اليوم التالي، ليضطر الجيش إلى الانسحاب.
لم يَدُم التوقف طويلاً، إذ عادت قوة كبيرة من الدعم السريع إلى تمبول، ونفّذت هجمات على المنطقة نَهبت فيها الممتلكات وقَتلت المدنيين، مع استهداف لحي العَقَدة الذي شهد اشتباكات طويلة. وأسفرت هذه الاشتباكات عن سقوط العديد من القتلى، وكانت الخسائر الأكبر من جانب قوات الدعم السريع، بينما قُتل من قبيلة الشكرية نحو 14 شخصاً.
مع تصاعد الأحداث، بدأت موجة نزوح واسعة من سكان القرية. واتجهت معظم العائلات إلى قرية 6 عرب في محلية حلفا الجديدة، التي تصلها يومياً ما بين 50 إلى 100 عربة محملة بالنازحين قسرياً، في ظل أوضاع إنسانية بالغة الصعوبة، فلا توجد مراكز استقبال رسمية، والمدارس مشغولة، ولا أماكن مخصّصة لإيواء النازحين. وفي حلفا المدينة، توجد مدرسة واحدة فقط تستقبل النازحين، بينما لا توجد مراكز إيواء أخرى في القرى المحيطة.
وفي ظلّ غياب الدعم الرسمي، أنشأ الأهالي بجهود فردية خياماً لاستقبال النازحين، مقدّمين الطعام والشراب من مواردهم الخاصة. ومن الناحية الصحية، يعاني مستشفى قرية 6 من نقص كبير في الإمكانيات رغم وجود بعض الإمدادات، ما يستدعي تدخّلاً عاجلاً لدعم المرافق الصحية وتوفير احتياجات النازحين الأساسية.
الأوضاع مزرية جداً، خاصة مع نهب جميع المواد الغذائية وتوقف المستشفيات والمراكز صحية، فمن لم يمت بالرصاص والضرب سيموت بالجوع وانعدام الدواء
متحدثاً لـ «أتر»، يروي أحمد الحاج من بلدة أب حراز شهادته: «عقب استسلام كيكل للجيش تغيّر الوضع تماماً، جرت مداهمة البيوت بحثاً عمن ينتمون إلى قوّاته، وسط ترويع شديد وعمليات نهب واسعة للممتلكات والبضائع التي بالمحلات، ونهب المتعلّقات الشخصية من هواتف وأموال، وقد خلت الطرقات من المارّة تماماً، إذ كثرت المركبات القتالية لقوات الدعم السريع والدرّاجات النارية، حتى حي الرياض جوار جسر حنتوب، كما نهبت الدعم السريع كامل منطقة الشرفة بواسطة الجرارات».
«الأوضاع مزرية جداً، خاصة مع نهب جميع المواد الغذائية وتوقف المستشفيات والمراكز صحية، فمن لم يمت بالرصاص والضرب سيموت بالجوع وانعدام الدواء»، يقول الحاج.
وبحسب محمد عبد الرحمن المشرف، الأمين العام لاتحاد الغرف التجارية بولاية الجزيرة، فإنّ الصراع بين مجموعة كيكل والمجموعات الأخرى المنتسبة إلى الدعم السريع في ولاية الجزيرة، بدأ منذ فترة، وعزا أسبابه إلى التحكم والسيطرة على حركة البضائع الداخلة والخارجة من وإلى الولاية وأسواقها، إذ تمنح مجموعة كيكل التجّار تصاديق لمرور البضائع خارجاً. وفي المقابل تمنع بقية المجموعات الأخرى التجار من المرور بالبضائع وإرجاعها. ويتعلل كلٌّ من الطرفين بأنه يتولى السلطة المدنية بالولاية.
نوتة
ظهَر أبو عاقلة كيكل في المشهد السياسي، منتصف ديسمبر 2022 بعرض عسكري في منطقة «الجبال الغر»، معلناً عن فصيل مسلّح أطلق عليه «درع البطانة»، موجّهاً خطاباً شديد اللهجة ومنتقداً اتفاقية سلام جوبا 2020، مبيناً أنها أوقعت ظلماً وتهميشاً بمناطق شمال وشرق ووسط السودان.
تغير اسم الفصيل المسلح سريعاً إلى «قوات درع السودان»، منضماً إلى سياق مسلح جمع معه الناطق الرسمي السابق باسم الجيش وقتها الصوارمي خالد سعد؛ إذ خاطب حشداً في منطقة حطّاب بالخرطوم، متخذاً نفس لهجة خطابه السابق في ظهوره الأول. وغداة حرب 15 أبريل 2023، ظهر كيكل في حشد عسكري بتاريخ 7/8/2023 معلناً انحيازه إلى جانب الدعم السريع في قتالها ضد الجيش قبل استسلامه الأخير في 20 أكتوبر 2024.
ومنذ اقتحامه ولاية الجزيرة في منتصف ديسمبر 2023، توضح المقاطع المصوّرة أن كيكل لم يَظهر باستثناء وجوده في شرق الجزيرة، إلا في منطقتي فداسي غرب الجزيرة، والتكينة في الشمال الغربي للولاية.
ومع قلة الوارد من البضائع إلى الولاية من شرق السودان، بدأت تظهر احتكاكات ومناوشات بين كسِّيبة الدعم السريع بمختلف أطرافهم. وعزا المُشرّف ما يحدث الآن من انتهاكات تمارسها قوات الدعم السريع في قرى ومناطق شرق الجزيرة، إلى شعور الغبن والانتقام تجاه مجموعة كيكل وتشفياً في المواطنين.
«منذ وقت أدركت مجموعة كيكل أن قوات الدعم السريع تستخدمهم فقط من أجل السيطرة على منطقة سهل البطانة، فلم تكن متحركات الدعم السريع تهاجم منطقة الفاو؛ هدفها العسكري المعلن، إنما تقوم بالالتفاف ومهاجمة مناطق «أم القرى» وما حولها، ونتيجة لذلك أدرك كيكل ومجموعته ضرورة أن يخرجوا من هذا الحلف»، يقول المشرف.
ويبين المشرّف أن هناك شبكة ضخمة من التقاطعات والمصالحات الاقتصادية بين مجموعات الدعم السريع، ويضيف أن «مجموعات الدعم السريع الموجودة حالياً، بودمدني والحصاحيصا، ورفاعة، ومختلف مدن وقرى الولاية، تربطهم علائق ومصالح مع تجار في شرق السودان، وكذلك فلول النظام البائد وعناصره الذين كانوا بولاية الجزيرة، وساعدت تلك المجموعات في إخراج ممتلكاتهم وبضائعهم، لكن التنكيل والنهب والترويع جرى للأبرياء فقط»، ويقول: «في الأحداث الجارية، اشتبكت عناصر الدعم السريع فيما بينها على مخازن التجار في مدينة تمبول».
ويخبر المشرّف أن قوات الدعم السريع اقتحمت قرى ومناطق شرق الجزيرة، من ثلاثة محاور هي محور الجيلي شمالي الخرطوم بحري، ومحور مدينة ود مدني، ومحور الحصاحيصا عبر جسر رفاعة الذي مارس جنوده جرائم القتل والاغتصابات في مدينة رفاعة، تشفياً وانتقاماً من كيكل ومجموعته، إذ كانت هذه القوة التي تتبع لقائدها قجة ممنوعة من عبور جسر رفاعة بأمر كيكل نفسه.
ملحق:
لماذا تمبول؟
تقع مدينة تمبول شرق ولاية الجزيرة، على بُعد 21 كيلومتراً شمال مدينة رفاعة، و22 كلم شرق مصنع سكر الجنيد. وترجع أصول سكانها إلى قبائل مختلفة أبرزها الشكرية، الرفاعيون، الركابية، البطاحين، الجعليون، الكواهلة، اللحويون، وقبائل أخرى توزعت على أكثر من 128 قرية صغيرة وكبيرة. وتربط تمبول بين وسط السودان وشرقه عبر طريق تمبول – حلفا الجديدة. وتشتهر مدينة تمبول بتربية الإبل وتجارته، ويعد سوقها من أكبر الأسواق في شرق ولاية الجزيرة وسهل البطانة، كما يوجد بها أحد أكبر أسواق الإبل والماشية في السودان.
في العام 2001، تأسست بتمبول جامعة البطانة، فأنشئت على أراضيها كلية البيطرة التابعة لها وتضم رئاسة القسم الشرقي لمشروع الجزيرة.
تأسس مركز تمبول لبحوث الإبل التابع لهيئة البحوث الحيوانية، عام 1998م وبدأ العمل به عام 2006م في مجالي الصحة برسم الخارطة المرضية للإبل، وإنتاج مغذيات الإبل بمخلفات السكر، نسبة لقربه مصنع سكر الجنيد للسكر. ويستفيد من المركز عدد كبير من الطلاب والباحثين في مجال علوم الحيوان، ويُعد مركزاً لتقييم وفحص فاعلية اللقاحات الواردة.
ترد الماشية إلى سوق تمبول من مختلف مناطق سهل البطانة الممتد ضمن حزام السافنا الفقيرة، كما ترد الأبقار من ولايات كردفان وسنار والنيل الأزرق، وإضافة إلى التجارة ينشط السكان في تربية الماشية. ويُعد سوقها من أميز أسواق المواشي التي تتجمع يومي السبت والثلاثاء من كل أسبوع، ويأتي إلى السوق مشترون وبائعون من شتى بقاع السودان، ويغذي منطقة البطانة وشرق ولاية الجزيرة بمختلف البضائع والمواد الغذائية والماشية، كما يغذي غالبية الماشية في سوقي حلفا الجديدة والدامر.
وبحسب محمد عبد الرحمن المُشرّف، الأمين العام لاتحاد أصحاب العمل بولاية الجزيرة، ترجع أهمية سوق تمبول إلى النشاط التجاري الذي يمارسه سكانها، خاصة في مجال الملبوسات في أسواق الخرطوم منذ سنوات عديدة مضت قبيل الحرب، أدى هذا بدوره إلى نمو عمراني وحضري في المدينة، وأكسب سوقها زخماً وصيتاً.
بعد الحرب، اكتسبت مدينة تمبول أهمية اقتصادية كبرى لقوات الدعم السريع وكسيبته، ومثلت معبراً للبضائع إلى وسط ولاية الجزيرة، كما ربطت مناطق سهل البطانة بشرق السودان عن طريق حلفا الجديدة، التي ترد منها البضائع.
وقبيل شهر، ألغت الاستخبارات العسكرية التابعة للجيش السوداني في مدينة حلفا الجديدة، التصاريح والتصاديق التي يستخرجها التجار الذي يوردون البضائع لولاية الجزيرة عن طريق تمبول، مما أدى إلى ارتفاع أسعار البضائع وندرتها وشح في الوقود.
مثلت مدينة تمبول كذلك معبراً للبضائع المنهوبة من ولاية الجزيرة إلى خارجها، خاصةً بعد إغلاق طريق الخياري والشبارقة مع ولاية القضارف بسبب الخريف، مما أدى إلى تنافس وصراع وسط الكسيبة في ولاية الجزيرة حول المدينة، بحسب المُشرّف.
وأوضح أن التصاريح قبل إيقافها من استخبارات الجيش بحلفا الجديدة، كانت تمنح لما يُقارب 300 مركبة شاحنة بضائع في اليوم الواحد، تتجه جميعها لمدينة تمبول، وهو ما أدى بدوره إلى انتعاش سوق حلفا الجديدة بالمقابل، ليصبح سوقاً ضخماً للبضائع وشحنها.