أتر

عملية استبدال العملة في السودان: آخر تحديث من مراسلي أتر

أُعلن عن استبدال العملة الورقية في بعض المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش حتى 23 ديسمبر، ثم مددت مهلة الاستبدال حتى الثلاثين من ديسمبر. وبحسب مراسلي «أتر» في الولايات المختلفة، أدت إجراءات استبدال العملة إلى مزيد من المصاعب على المواطنين الذين كانوا يستبدلون النقد بعمولة تتراوح ما بين 10 و20 في المئة مقابل التحويلات. وتعثرت إجراءات فتح الحسابات المصرفية التي اشترطها بنك السودان المركزي مقابل إيداع العملة القديمة، فضلاً عن تعنت بعض البنوك في استلام الأموال النقدية من الفئات المسحوبة من التداول. يرصد مراسلو أتر في هذا التقرير العوائق التي تواجه استبدال العملة في الولايات المختلفة.

شندي

استبدلت أموالي خلال يومين، منذ السابعة صباحاً وحتى الخامسة مساء، كان أمراً مُتعباً، فقد أغلقت البقالة لمدة يومين. وأوقفت التعامل بالعملة القديمة، على الرغم من تأثير ذلك على المبيعات. كنت أبيع في اليوم بأكثر من 100  ألف جنيه، وحاليا لا تتعدى المبيعات 15 ألف جنيه في اليوم

- عبدالعزيز، صاحب بقالة في شندي

ارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية على نحو مباغت في محليتي شندي والمتمة، بولاية نهر النيل بنسبة 25٪ بسبب تناقص مواقيت إجراءات تبديل العملة. وفوجئ المواطنون في المحليتين، واللتين تأويان آلاف النازحين، بسبب الحرب، بزيادة هائلة في الأسعار بسوقي شندي والنوراب بمحلية المتمة، شملت المواد الغذائية الضرورية والسلع الاستهلاكية مع إغلاق كثير من المحال في الأحياء أبوابها، وعزوا ذلك إلى إجراءات استبدال العملة واستغلال التجار للعملية التي مددت حتى نهاية ديسمبر الجاري.

وشهدت أبواب البنوك في المدينة ازدحاماً كثيفاً وتدافع طوابير طويلة بالساعات، لإتمام تبديل النسخ القديمة من العملة بأخرى جديدة مبرئه للذمة، وسط وجود شرطي وأمني كبير.

متحدثاً لـ «أتر»، يقول عبد العزيز، وهو صاحب بقالة بمدينة شندي، إنه استبدل أمواله خلال يومين، منذ السابعة صباحاً وحتى الخامسة مساء: «كان أمراً مُتعباً، فقد أغلقت البقالة لمدة يومين. وأوقفت التعامل بالعملة القديمة، على الرغم من تأثير ذلك على المبيعات. كنت أبيع في اليوم بأكثر من 100 ألف جنيه، وحاليا لا تتعدى المبيعات 15 ألف جنيه في اليوم».

وأغلق مخبز في حي الثورة الثلاثين، بشندي، أبوابه رفقة عدة مخابز أخرى، مما تسبب في أزمة خبز بأحياء العشرين المجاورة. يقول صاحب المخبز إنه اضطر إلى تجنيد العمال للوقوف أمام أبواب البنوك لتبديل العملة .

واعترت حالات التذمر كثيراً من المواطنين مما يجري ومن زيادة الأسعار وامتناع بعض التجار من التعامل بالعملة القديمة.

ورصد مراسل «أتر» ما يقدر بـ 70 في المائة من سوق شندي وضواحيها، وقد دخلت في حالة إغلاق، مع تهديد عدد من المواطنين بكسر أبواب الدكاكين والمحال المغلقة في الريف الجنوبي لشندي في قريتي بانقا والشيخاب.

وقال موظف سابق في بنك الخرطوم، فضل حجب اسمه، في حديث مع «أتر»، إن الكتلة النقدية الجديدة لا تغطي عملية الاستبدال، خاصة فئة الألف جنيه، إضافة إلى أنه لم تطبع فئة الخمسمائة حتى الآن، وأضاف أن إجراءات تبديل العملة الجارية الآن تعتمد على خطة التغطية الواسعة للتعامل عبر التطبيقات البنكية.

وقال بنك الخرطوم في منشور إعلامي أنه في اليوم قبل الأخير للموعد النهائي لعمليات استبدال العملات القديمة، يواصل البنك  حملة استبدال العملة وفتح الحسابات البنكية في الولايات عبر النوافذ المتجولة؛ من أجل تمكين البنك من الوصول إلى شرائح واسعة.

واوصت اللجنة الولائية لاستبدال العملة، بحسب وكالة سونا للأنباء، بإجراء معالجات فورية في بعض المحليات فيما يلي عملية الاستبدال وفتح الحسابات المصرفية حلاً لمشكلة الازدحام، كما بددت اللجنة العليا لاستبدال العملة مخاوف تجار ومواطني ولاية الخرطوم بأن أموالهم بالعملات القديمة لن تضيع، وهي مبرئة للذمة وسارية المفعول حتى يجري اكتمال الترتيبات الفنية الخاصة بالبنوك، ووجهت باستمرار العمل بها وبجميع فئاتها في المعاملات.

كسلا

شهدت تجارة العملة طلباً متزايداً؛ لتفضيل العديد من التجار والمواطنين تحويل أموالهم ومدخراتهم إلى دولار، فضلاً عن تجنيبها في حساباتهم في البنوك، تخوفاً من عدم إمكانية سحبها متى ما أرادوا

- محمد يوسف، تاجر عملة في كسلا

حالة من التوتر والترقب شهدتها أسواق ولاية كسلا والسوق الكبير بوسط المدينة، سببها اقتراب الموعد النهائي المحدد لاستلام العملة المستبدلة من فئتي الألف جنيه والخمسمائة التي كان يزمع انتهاؤها يوم الاثنين الموافق 23 ديسمبر الجاري، قبل إعلان تمديد استبدال العملات واستمرار تداولها حتى الثلاثين من الشهر الجاري.

وتعتمد أسواق ولاية كسلا على السيولة النقدية على نحو كلي. ورغم توفر فروع المصارف والبنوك في الولاية، إلا أن متطلبات الحياة اليومية في الولاية الحدودية لا تعترف بالأنظمة المصرفية. ورغم أن حركة النزوح جراء الحرب الدائرة حالياً زادت الاعتماد على بعض التطبيقات البنكية مثل تطبيق (بنكك) لبنك الخرطوم، إلا أن ذلك لم يغير كثيراً من منهجية التداول، خاصةً وأن أسواق المدينة حاضرة الولاية تعتبر وجهة التسوق الأولى لمعظم محليات وقرى الولاية التي يمثل غالبية مواطنيها على الزراعة والرعي بنحوٍ رئيس.

ومنذ بدء عمليات الاستبدال وسحب العملة القديمة من فئتي الألف جنيه والخمسمائة جنيه، شهدت الحركة التجارية تقلبات شديدة، فبعض السلع تزايد الطلب عليها، خاصة القابلة للتخزين لوقت أطول.

 يفضل الوليد المبارك تاجر مواد تموينية، بسوق كسلا اتخاذ الحذر، فهو يفضل أن يرى أمواله أمامه بضائع بدلاً عن وضعها في البنوك وانتظار سحبها بمعدل مائتي ألف جنيه يومياً، بحسب منشور بنك السودان بخصوص استبدال العملات. يقول المبارك إنه لا يثق بأن البنوك لديها الاحتياطي النقدي الكافي لاستعاده أمواله. 

 محمد يوسف – اسم مستعار لتاجر عملة – قال متحدثاً لـ «أتر»، إن تجارة العملة شهدت طلباً متزايداً، وعزا ذلك إلى تفضيل العديد من التجار والمواطنين تحويل أموالهم ومدخراتهم إلى دولار، فضلاً عن تجنيبها في حساباتهم في البنوك، تخوفاً من عدم إمكانية سحبها متى ما أرادوا. ويضيف يوسف أنه رغم كثرة الطلب على العملات الصعبة، إلا أن سوق تجارة العملة قد يكون مستهدفاً من هذه الإجراءات التي وصفها بالمفاجئة في تغيير بعض الفئات باعتبارها أكثر الفئات استخداماً في شراء العملة، وهو ما جعلهم يتوجهون للاستعانة بالتجار للتخلص من الفئات المعنية بالاستبدال لتجنب الإيداع مباشرة في حسابهم، تخوفاً من التتبع، مشيراً إلى أن كل ذلك لم يوقف عمليات شراء العملة التي أصبحت تجري عبر التحويل للخارج بدلاً عن التبديل النقدي المباشر .

 متحدثة إلى «أتر»”، قالت ريم التيجاني، الطالبة باحدى جامعات العاصمة الخرطوم التي استأنفت الدراسة في ولاية كسلا، إنها تتلقى مصاريفها عبر التحويلات من أهلها في المملكة العربية السعودية عن طريق تجار العملة، وعندما أرادت استلام تحويل من ذويها عُرضت عليها قيمتان للاستلام، إذ أصبح سعر الاستلام ببنكك أقل من الاستلام بالعملة الورقية التي يجري استبدالها. وترى ريم أن في ذلك تحاملاً وتحايلاً من تجار العملة في التخلص من العملة ووضع الثقل على عاتق المواطنين.

وبسبب الازدحام، قد يستغرق استبدال العملة يوماً كاملاً على أقل تقدير. مجتبى أمير، وهو موظف سابق بأحد البنوك، واستعان به فرع أحد البنوك في كسلا في عملية فرز العملات المستبدلة، عزا الازدحام إلى وضع بنك السودان كامل المسؤولية على البنوك التجارية في الفرز، فتضطر البنوك إلى تكرار عمليات الفرز التي تجري يدوياً في اغلب البنوك لعدم توفر ماكينات الفرز والعد المتطورة، التي يرى الأمير أن توفيرها مسؤولية بنك السودان.

وقبيل تمديد بنك السودان مساء الأحد الماضي، توقفت عدد من المحال التجارية عن استلام الفئات الجاري استبدالها قبل انتهاء المهلة المحددة من بنك السودان بثلاثة أيام، بينما فضل آخرون إغلاق محالهم تجنباً للمساءلة حال رفضهم استلام الفئات رغم سريانها، ما صعب على المواطن استيفاء متطلباته اليومية، إلا أن التمديد الأخير جعل الجميع يتنفس الصعداء وأزاح شيئاً من التوتر والتخوف الذي كان سائدا لدى الجميع.

الشمالية

سياسات استبدال العملة عقيمة، ففروع البنوك الموجودة في محلية مروي لا تكفي المواطنين في فتح حساباتهم، كما أن مساحة مبانيها والنوافذ لا يمكن أن تستوعب الأعداد التي قصدت البنوك

- عوض الله سعيد، تاجر في سوق مروي

قبل الإعلان عن تمديد فترة استبدال العملة، شهد سوق مروي حالة من الاضطراب وتوقف لحركة البيع والشراء خلال يوم 23 ديسمبر، خاصة أن اللجنة العليا لاستبدال العملة قد ألزمت الجمهور بفتح حسابات بنكية.

في حديثه لـ «أتر»، وصف عوض الله سعيد، وهو تاجر بسوق مروي، أن سياسات استبدال العملة عقيمة، ففروع البنوك الموجودة في محلية مروي لا تكفي المواطنين في فتح حساباتهم، كما أن مساحة مبانيها والنوافذ لا يمكن أن تستوعب الأعداد التي قصدت البنوك.

وقد أوصت اللجنة الولائية لاستبدال العملة في اجتماعها الخامس برئاسة والي الشمالية عابدين عوض الله،بإجراء معالجات فورية في بعض المحليات فيما يلي عملية الاستبدال وفتح الحسابات المصرفية حلا لمشكلة الازدحام.

وأكد مدير بنك السودان المركزي فرع دنقلا فتح الرحمن مالك في تصريح لـ «أتر»، أن عملية الاستبدال تمضي بصورة ممتازة، وقال إن تكدس وازدحام المواطنين في بعض البنوك لفتح الحسابات المصرفية غير مبرر، لأنه متاح لهم فتح حسابات في بنوك أخرى غير مزدحمة.

موظف ببنك الخرطوم أقر بصعوبة في فتح الحسابات نتيجة لعدم قدرة المواطن على الاستفادة من النوافذ الإلكترونية، بجانب عدم مقدرة البنك على استيعاب أعداد كبيرة بسبب المساحة وأيضا عدد الموظفين في البنك، وقال إن المواطنين قصدوا بنك الخرطوم بسبب التعامل عبر تطبيق بنكك، لذلك كان الضغط عليه كبيراً.

المواطن علي البيشاني تاجر بسوق الصينية بنوري، يقول إن عملية استبدال العملة لم تنل حظها من الترويج المطلوب، فحتى تاريخ 23 ديسمبر لم يكن جميع المواطنين قد استبدلوا عملاتهم، إضافة إلى أن سياسات السحب من البنك حالت دون التوريد الكلي للأموال. ويضيف البيشاني محدّثاً «أتر»، أن تمركز البنوك في مروي وكريمة فقط حال دون قدرة بعض التجار والأعيان خصوصاً من كبار السن على توريد أموالهم.

ويقول البيشاني إن سوق المضاربات بالعملة قد انتعش، إذ يستبدل بعض المواطنون الفئات الكبيرة من العملة (1000/500) بالفئات الصغيرة (200/100) ويسحب المضارب عمولة منه تقدر بحوالي 10%، ويضيف أن كل ذلك كان يمكن أن يجري تلافيه لو عملت البنوك على فتح نوافذ لفتح حسابات بنكية على مستوى الأسواق الشعبية.

موظفة بالبنك الإسلامي فرع محلية مروي، قالت إن فرع البنك قد شهد إقبالاً كبيراً جداً من قبل معلمي جميع المراحل بالمحلية، وقد فرضت المحلية على جميع الموظفين فتح حسابات بنكية من أجل إيداع رواتبهم فيه.

وأدى تأخر إعلان التمديد إلى الثلاثين من ديسمبر الجاري إلى إغلاق أغلب التجار لأبواب محلاتهم خشية تكدس العملة القديمة لديهم في المحلات التجارة مما أدخل السوق في حالة شلل في حركة البيع و الشراء.

النيل الأبيض

رفضت أفرع البنوك الأربعة العاملة بالدويم استلام إيداع المواطنين للعملات المسحوبة ووجهتهم بالذهاب إلى البنوك المحددة في المدن التي تجري فيها عمليات الإيداع

إبراهيم حامد، متعامل في سوق الدويم

وفي ولاية النيل الأبيض حصرت السلطات الحكومية عمليات إيداع العملة المسحوبة على البنوك القائمة في ثلاث مُدن وهي كنانة وربك وكوستي، بينما امتنعت البنوك في بقية محليات الولاية عن الدخول في عملية تبديل العملة واكتفت بالمعاملات اليومية المعتادة.

وقال إبراهيم حامد وهو متعامل في سوق الدويم، إن البنوك العاملة بالمدينة وعددها أربعة أفرع بنوك رفضت استلام إيداع المواطنين للعملات المسحوبة ووجهتهم بالذهاب إلى البنوك المحددة في المدن التي تجري فيها عمليات الإيداع.

وقال موظف بأحد البنوك في الدويم لـ «أتــر» إن البنوك بالمدينة ظلت تستلم إيداعات المواطنين النقدية من الفئات الصغيرة وهى الـ 100 و200 جنيه غير المشمولات بالسحب، أما الفئات بقيمة الألف والخمسمائة جنيه فإن أصحابها مضطرون إلى نقلها إلى البنوك التي تعمل بربك وكوستي وكنانة.

ودفعت خطوة البنوك بإيقاف استلام العملات من فئة الألف والخمسمائة جنيه بعض التجار إلى إيقاف البيع مقابل النقد الكاش وفي حالة نادرة الحدوث اشترط بعض التجار بيع المواد والسلع الغذائية  مقابل التحويلات البنكية فقط.

جرى الأمر نفسه على مدينة تندلتي الواقعة على حدود ولاية النيل الأبيض مع ولاية شمال كردفان، فقد تسبب امتناع البنوك عن استلام الفئات المسحوبة في رفع أسعار السلع الغذائية والمنتجات الزراعية والثروة الحيوانية. وقال تاجر بسوق المواشي بمدينة تندلتي إن أسعار المواشي ارتفعت على نحو لافت، بالرغم من توقف الشركات والجهات المصدرة عن الشراء بسبب نهاية العام المالي. وبحسب التاجر الذي تحدث لـ «أتــر» فإن أسعار الخراف ارتفعت للمرة الثانية في أقل من شهر واحد حيث قفز سعر الخروف الصادر إلى ستمائة وخمسين ألفا بدلا عن ستمائة ألف جنيه مع بداية تغيير العملة. وذكر التاجر الذي فضل عدم ذكر هويته، أن التجار كانوا يتوقعون أن تفتح كل البنوك أبوابها لاستلام العملة المسحوبة من التداول، لكنهم فوجئوا بأن البنوك امتنعت عن استلام النقود واشترطت عليهم نقلها إلى كوستي وربك وهي عملية محفوفة بالمخاطر في ظل الوضع الأمني المتدهور في أجزاء واسعة من الولاية.

وبالمقابل ارتفعت أسعار السلع الاستهلاكية والمواد الغذائية مقابل البيع بالكاش. يقول ياسر حسن وهو تاجر مواد غذائية يبيع بالجملة بسوق تندلتي، إنهم رفعوا سعر البيع بالكاش بفارق يتراوح بين 15 و30 ألف جنيه مقارنة بالبيع عبر تطبيق بنكك. وبرر ياسر لـ «أتـر» الخطوة بأنهم لا يستطيعون إيقاف البيع لكنهم وضعوا المشترين أمام زيادة كبيرة في سعر البيع بالكاش حتى يلجأ المشترون للدفع عبر التطبيقات البنكية.

وقال ياسر إن المواطنين وبعض التجار لجأوا لشراء السلع من أجل التخلص من الفئات النقدية المسحوبة من التداول ولذلك رفع التجار أسعار البيع بالنقد لصعوبة إيداعه في البنوك.

وبرر الموظف الذي اشترط عدم ذكر اسمه لدواع أمنية، أن هناك عدة أسباب وراء توجيه الجهات الرسمية بعدم فتح المجال لتغيير العملة في الدويم، أهمها أن البنوك لا تملك سيولة لمقابلة طلبات السحب من قبل المودعين، وكذلك غير مُستبعد حدوث سطو على البنوك في المدينة التي يحاصرها الدعم السريع من جهة الشمال من مدينة القطينة ومن الغرب من محلية أم رمته ومن الشرق من جهة ولاية الجزيرة.

سنار

فشل التجار والمواطنون بالولاية في الوصول لرؤية مع إدارة بنك السودان المركزي فرع ولاية سنار الذي وضع شروطاً تعجيزية رغم الصعوبات التي يعانيها السكان الذين عادوا لتوهم لعاصمة الولاية التي كانت تحت سيطرة الدعم السريع لعدة أشهر

عارف عبدالله، من سكان سنجة

 في ولاية سنار التي أضيفت مؤخراً للولايات المشمولة بتغيير العملة يواجه المواطنون كثيراً من الصعاب إذ توقفت البنوك في ست محليات من مجمل محليات الولاية وعددها سبعة.

ووفقاً لعارف عبدالله من سكان محلية سنجة، فإن التجار والمواطنين بالولاية فشلوا في الوصول لرؤية مع إدارة بنك السودان المركزي فرع ولاية سنار الذي وضع شروطاً وصفها بالتعجيزية رغم الصعوبات التي يعانيها السكان الذين عادوا لتوهم لعاصمة الولاية التي كانت تحت سيطرة الدعم السريع لعدة أشهر.

وقال عارف عبد الله لـ «أتـــر»، أن ست محليات حالياً خارج تغطية الكهرباء، ولا يعمل بها أي فرع من البنوك وعلى الرغم ذلك اشترط بنك السودان فرع ولاية سنار، أن ينقل الناس أموالهم إلى مدينة سنار التي اكتظت فروع البنوك فيها بآلاف المواطنين الذين يريدون إيداع نقودهم دون أن يتمكنوا من ذلك بيسر.

ويقول أحمد عبدالله من سنار، إنهم يفضلون بيع نقودهم للتجار لأنهم لا يستطيعون نقلها إلى سنار والانتظار لأيام أمام أبواب البنوك المكتظة  من أجل إيداعها وهي عملية تمر بمراحل معقدة وتسير بوتيرة غاية في الصعوبة.

وأخبر عارف عبد الله أن الولاية بها حوالي 3 آلاف قرية، ومن المستحيل أن يستطيع كل هذا العدد من الناس الحضور إلى مدينة سنار من أجل إيداع أموالهم في ظل الانفلات الأمني الواضح على الطرق بين المُدن.

وعجز آلاف المواطنين، بحسب عارف، عن فتح حسابات مصرفية لأنهم فقدوا أوراقهم الثبوتية في فترة سيطرة الدعم السريع على المدينة، لذا أصبح خيارهم هو بيع أموالهم لبعض السماسرة الذين يمتلكون حسابات مصرفية.

وشملت المصاعب في إيداع الأموال حتى التجار الذين يملكون حسابات مصرفية؛ فقد اشترط بنك السودان على التجار شروطاً تعجيزية من أجل السماح لهم بإيداع أموالهم بحسب إفادة أحد التجار لـ«أتـــر». وقال التاجر الذي فضل حجب اسمه، إن بنك السودان طلب منهم الكشف عن مصدر الأموال وإبراز الأوراق الضريبية ومستندات الزكاة وفواتير السلع التي يتاجرون فيها.

ووصف التجار الشروط بالتعجيزية وبأنها محاولة من بنك السودان للاستيلاء على أموالهم. وقال تجار لـ «أتــر» إن البنك يعلم أن الجهات التي يحصل منها التجار على مثل هذه الأوراق الرسمية لا تعمل في الوقت الراهن، وأن طلب مثل هذه المستندات في الحد الأدنى غير منطقي، وذلك لأن كثيراً منهم ظلوا يحتفظون بالبضائع والسلع منذ قبل سقوط سنجة، ووقتها لم يكن هناك أحد يطالبهم بالفواتير أو شهادات من الزكاة أو الضرائب.

وتوقع عارف أن يفقد آلاف المواطنين بولاية سنار مدخراتهم المالية، وقال إنه من المستحيل أن يتمكن السكان في المحليات التي لا توجد بها بنوك الانتقال إلى سنار وإيداع أموالهم في الفترة المحددة.

كرري

نجلب البضائع من الولايات التي جرى فيها تطبيق استبدال العملة، وهي نهر النيل والشمالية، وفي ظل الصعوبات في فتح الحسابات وعمليات الإيداع في البنوك بأم درمان ليس أمامنا سوى اللجوء للبيع بالتطبيقات البنكية

- تاجر في سوق صابرين

في محلية كرري التي أصبحت المقر الأساسي لولاية الخرطوم رفضت البنوك فتح الحسابات المصرفية بالأوراق الثبوتية غير السارية واشترطت تقديم جوازات سفر سارية. وقال أحد المواطنين لـ «أتر» إنه ذهب لبنك الخرطوم فرع شارع النص الواقع قريباً من مستشفى النو من أجل فتح حساب بجواز منتهي الصلاحية وبطاقة قومية سارية، وعلى الرغم من ذلك رفضوا فتح حساب بحجة أن البنك يعمل على معالجة مشكلات الحسابات السابقة مثل فقدان الرقم السريع والحسابات المغلقة واسترداد التحويلات الخاطئة.

وقال مواطن آخر لـ «أتر»، إنه ذهب لبنك الخرطوم بأم درمان في تمام الساعة السادسة والنصف ولكنه وجد أمامه 120 مواطناً، وبحلول منتصف النهار تجاوز العدد 500 شخص، ولم يتمكن من عمل أي إجراء في البنك.

وفي سوق صابرين، أوقف التجار البيع بالكاش واشترطوا السداد بالتطبيقات البنكية. وقال أحد التجار بالسوق لـ «أتر»، إنهم يجلبون البضائع من الولايات التي جرى فيها تطبيق استبدال العملة، وهي نهر النيل والشمالية، وفي ظل الصعوبات في فتح الحسابات وعمليات الإيداع في البنوك بأم درمان ليس أمامهم سوى اللجوء للبيع بالتطبيقات البنكية.

وأشار التاجر الذي فضل حجب هويته، إلى أن إجراءات البنوك معقدة ولا تمكن من تلبية احتياجات المودعين، ولذلك تتلكأ في استلام النقود المسحوبة، وهو ما تسبب في تعطيل الأعمال التجارية وأعاق حركة البيع والشراء.

Scroll to Top