
معسكر عُطاش: النازحون يعانون من الحرب مرّتين
منذ نشوب حرب أبريل 2023، يعاني النازحون في معسكر عُطاش جنوب مدينة نيالا أوضاعاً اقتصادية سيئة للغاية، ويفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة، خاصة أن الدعم الذي قدّمته بعض المنظمات كان محدوداً، بحسب الشيخ عبد الرازق حسن جالس، رئيس معسكر عطاش.
يضمّ المعسكر ثلاثة مراكز صحية، كانت تعمل بدعم المنظمات، توقفت كلياً بعد الحرب، ما جعل الوضع الصحي كارثياً. يقول جالس: «الآن نعتمد على الصليب الأحمر، لكن الدعم ما زال محدوداً. وبسبب ارتفاع تكاليف العلاج والدواء، أصبح النازحون يلجأون للعلاج البلدي».
وبسبب عمليات الاختطاف والاعتداءات المتكرّرة، خاصة ضد النساء، تشكلت لجان شبابية بالمعسكر لحماية النازحين، لكنّ الوضع أكبر من قدرة الشباب ويقتضي تدخّلاً من جهات أمنية أكبر لحماية سكان المعسكر، كما يشير جالس، الذي ناشد جميع المنظمات الدولية والوطنية للتدخل الفوري قائلاً: «نحن بحاجة ماسة للإغاثة، الدواء، والمياه. الوضع في غاية الصعوبة، ولا يمكن للنازحين تحمّل هذه الظروف لفترة أطول».
ويُعدُّ معسكر عطاش للنازحين واحداً من أكبر المعسكرات بدارفور التي تأوي نازحين منذ اندلاع الحرب في الإقليم في 2003، ويُقدَّر سكان المعسكر بحوالي مليون و935 شخصاً. ويقع المخيم شمال شرق مدينة نيالا بولاية جنوب دارفور تحت إدارة مفوضية العون الإنساني.
جاءت فكرة تكوين المعسكر رسمياً من بعض النازحين الذين بدأوا بنظام اللجان لتسجيل النازحين وتقديم الخدمات بالتعاون مع المنظّمات. وبعد تأسيس المعسكر، احتاجوا لتصديقٍ رسمي. يقول جالس: «بحثنا عن ختم مناسب ووجدنا ختماً يعود لقرية عُطاش، فاستخدمناه في الإجراءات الرسمية، ومنذ ذلك الوقت أصبح المعسكر يُعرف بهذا الاسم».
بدأ النزوح إلى معسكر عطاش بسبب الحرب التي شهدتها دارفور 2003. في البداية، كان العدد ضئيلاً، لكن مع تزايد رقعة الحرب زاد عدد النازحين، خاصة من محلية مِرشنج شمال نيالا، حاضرة ولاية جنوب دارفور. وبدأ التأسيس الفعلي للمعسكر بشكله الحالي في أوائل 2004، وأصبح وجهةً لكثير من النازحين من محليات مختلفة، مثل نازحي منطقة شَنقِل طُوباي بولاية شمال دارفور، وعدد من النازحين من مناطق جنوب دارفور مثل محلية مرشنج من وحدة مَنواشي، ووحدة يارا، ومنطقة دُمَّا وجُرُف، وبه نازحون من محلية الوحدة (مَلَم سابقاً) شرق جبل مرّة ومحلية قريضة بجنوب دارفور، وكان آخر النازحين للمعسكر من محلية بليل منطقة أمري بعد اندلاع حرب 15 أبريل 2023.
وبحسب جالس، كان المعسكر في البداية يضمّ نازحين من قبائل البرقد، الزغاوة، الفور، والمساليت، ثم انضم إليهم نازحون من قبائل أخرى من جنوب السودان، وآخرون من قبيلة السارا من إفريقيا الوسطى. والآن يضمّ حوالي 67 قبيلة.
يعمل المعسكر بنظام اللجان الشعبية تديرها إدارة للمشايخ، وكلّ رئيس سنتر (حي) هو عضوٌ في إدارة المعسكر. هناك 15 حياً، ويضمّ كلّ منها عدداً من المنازل المبنية من القشّ أو الطين وأحياناً مشمّعات (خيام)، ولكل منها إدارة للمرأة، وإدارة للشباب، إضافة إلى لجان متخصصة للمياه، الإغاثة، التعليم، والصحة.
يقول الشيخ عبد الرازق حسن جالس، إن معسكر عطاش ليس محض مُخيّم لإيواء النازحين، بل هو نموذج لتعايش القبائل وتجاوز الأزمات.
القِطينة: انتهاكات ونهب وحصار خانق
شهدت مدينة القطينة بولاية النيل الأبيض هذا الأسبوع أعنف موجة من الانتهاكات على يد قوات الدعم السريع، التي اقتحمت الصيدليات والمعامل الطبية، وأغلقت مستشفى القطينة التعليمي عقب قصف الطيران الحربي لأحياء في المدينة، وأعملت فيه وفي المعامل نهباً وتخريباً. وأعقبت هذه الانتهاكات أزمة حادّة في الأدوية المنقذة للحياة، وإغلاق المستشفى، ما أدى إلى وفاة العديد من المرضى بسبب نقص العلاج.
ووفقاً لمصادر محلية تحدثت لـ «أتَـر»، أُغلِقت أسواق المواد الغذائية بالكامل، بينما سُمح بفتح سوق الخضروات لساعتين فقط صباحاً. وأضافت المصادر أنّ قوات الدعم السريع لا تزال تمارس عمليات نهب وسرقة للمحال التجارية والمنازل، إلى جانب اعتقال المواطنين والاعتداء عليهم بالضرب.
في يوم الأربعاء 5 فبراير الجاري، قَصَفَ الطيران الحربي للجيش عدداً من أحياء مدينة القطينة، ما أدّى إلى مقتل شخص وإصابة اثنين، أحدهما طفل. وجدّد الطيران قصفه على المدينة يوم الاثنين الأسبوع الجاري، ما أسفر عن سقوط ثلاث ضحايا من المدنيين. وقال مصدر محلّي لـ «أتَـر»، إنّ شبكات الاتصال والإنترنت لا تزال مقطوعة عنهم منذ ديسمبر 2023، وإنهم يعتمدون على أجهزة «ستارلينك» للتواصل، لكنه أضاف أنّ قوات الدعم السريع تغلق هذه الأجهزة وتمنع المواطنين من استخدامها عند وقوع القصف، كما تنفذ حملات اعتقال تستهدف الشباب والفتيات.
وسط هذه الأوضاع، يعيش سكان محلية القطينة في خوف دائم بين نيران القصف وانتهاكات الدعم السريع، بينما تزداد المعاناة مع استمرار الحصار وغياب الخدمات الأساسية.
وأوضح شهود عيان أن الدعم السريع هاجمت قرى الحاج الموسى، ود جار النبي، الجمالاب، ونِعيمة، التابعة لمحلية القطينة، وارتكبت مجازر بشرية مروعة، إضافة إلى تهجير قسري لسكان تلك القرى، وأضافوا أنها نهبت ممتلكات المواطنين ومواشيهم، لافتين إلى أن الدعم السريع ما زالت تمارس الإرهاب تحت سمع ونظر المجتمع الدولي، خاصة في ولاية النيل الأبيض، وسط تجاهل تام من إعلام الدولة.
وأكّد مواطنون مقتل ستة أشخاص وإصابة أربعين آخرين في قرية ود جار النبي بمحلية القطينة، جرّاء هجوم قوات الدعم السريع عليها يوم الأحد الأسبوع الجاري، وأشاروا إلى أن القوات التي انسحبت من أبو قوتة بولاية الجزيرة تجمّعت في القطينة قبل تنفيذ الهجوم على القرية.
وتقع ود جار النبي جنوب جبل أولياء، وتتبع إدارياً لمحلية القطينة في ولاية النيل الأبيض. ووفقاً لمتابعات مراسل «أتَـر»، شهدت القرية موجة نزوح واسعة للسكان، الذين فرّوا بحثاً عن الأمان.