أتر

ثـوّار ديسمبر: ليست حربهم الأخيرة!

في سبتمبر 2013، خرج طلاب المدارس إلى الشوارع مُحتجّين على غلاء المعيشة ورفع الدعم عن الوقود، لكن نظام الرئيس السابق عمر البشير قابلهم بوابل من الرصاص ومستوى من العنف غير مسبوق. تساقطت الجثث في الشوارع، ورأى أطفالٌ يافعون أنّ النظام لا يتحلّى بأية رحمة تجاههم. كبر من نجا في تلك الأيام، حتى أصبحوا جذوة ثورة ديسمبر ثم انتفضوا مراراً وتكراراً، وهتافهم السلمية حتى انفجرت حرب 15 أبريل ليتغيّر كلّ شيء.

واليوم، مع اتّساع رقعة الدّمار، يبدو أنّ الاصطفافات التي تشكّلت بين مؤيّدي الجيش ورافضي الحرب، قد عمَّقت الشروخ وأضعفت المشروع الثوري. فهل كان من الممكن لقوى الثورة أن تتوحّد في رفض الحرب، مُستثمرةً فشل العسكر في الحكم لصياغة مشروع مدنيّ متماسك؟ أم أنّ الصراع، الذي ظلّ كامناً في انتظار لحظته، كان أقوى من أيِّ محاولة لتجنّبه؟

هكذا، إلى جانب الكتائب المسلّحة المحسوبة على الإسلاميين، ولاحقاً إلى جانب حركات الكفاح المسلح الدارفورية: حركة العدل والمساواة وحركة تحرير السودان جناح مني أركو منّاوي؛ انخرطت أعدادٌ مقدّرة ممن شاركوا في ثورة ديسمبر في الحرب إلى جانب الجيش السوداني منذ بواكير إعلانه الاستنفار.


أعلن الفريق أول عبد الفتاح البرهان الدعوة إلى الاستنفار في خطاب ألقاه في يوليو 2023، وطلب فيه «من جميع شباب البلاد وكل من يستطيع الدفاع أن لا يتردد أو يتأخر في أن يقوم بهذا الدور الوطني». ضمّت صفوف المستنفَرين توجّهات سياسية وفكرية مُختلفة عبّرت عن نفسها من داخل معسكرات الجيش وساحات القتال بطرقٍ عدة. ومن مختلف المقاتلين، إسلاميون، وغير إسلاميين. وفي مارس 2024 قال الفريق أول شمس الدين كباشي، إنّ معسكرات المقاومة الشعبية «يجب أن لا تُستغَلّ» وإنّ مكان السياسة خارج معسكرات الجيش. بينما قال الفريق أول ياسر العطا إنّ «الأقوال السلبية عن المقاومة الشعبية لا تسوى شيئاً»، وإنّ «الأخطاء في كل عمل تُصحّح خلال العمل».

السّياسة والسّلاح

بينما يتقدّم في ساحة القتال، لا يبدو أمين سعد متردّداً أو نادماً. هذه ليست حربه الأولى، لكنها بالتأكيد حربه الأشدّ وضوحاً.

كان أمين سعد ناشطاً في حزب حشد الوحدوي، أحد الحركات السياسية التي شاركت في ثورة ديسمبر. عُرِفَ سعد بين زملائه بأنه أحد الثوريين الذين شاركوا في تظاهرات ديسمبر حتى قادت لسقوط نظام البشير في أبريل 2019.

لم تكن لحظة حمل السلاح بالنسبة لأمين، لحظة تردِّد أو مُراجعة. كان القرار مُكتملاً داخله منذ أن أعلن الجيش ضرورة حمل السلاح، كما لم يكن في ذهنه جدل الهويات أو تصنيفات الولاء السياسي، إنما سؤال واحد فقط: هل يمكن للثوري الحقيقي أن يقف مُتفرّجاً بينما البلاد تُدمَّر؟

ظهر أمين، الذي ظلّ لسنوات يُحسَب على صفوف المعارضة المدنية، بزيٍّ عسكري وسلاح مُشهر في قلب المعركة، يُقاتل في صفوف الكتائب الثورية ضد قوات الدعم السريع، «العدوّ الذي طالما لم يتوانَ عن سحق ثورة ديسمبر، وسرقة أحلامها، وتشريد مناصريها بين المعتقلات والمنافي». لكنّ ظهوره هذا فجّر أسئلةً كبرى، وتوزّعت الاتهامات بين من رآه عائداً إلى جذور إسلامية مخفيّة، ومن رأى في خطوته موقفاً اضطرارياً فرضته لحظة الحرب العارية من الحسابات السياسية، كما يقول.

«حين يتعلّق الأمر بالدفاع عن الوطن، لا مكان للتردّد»، يقول أمين في حديثه لـ «أتَـر»، ويضيف: «الثوري الحقيقي لا يقف مُحايداً بينما وطنه يُحرَق». لم يكن مشغولاً بالاتهامات أو التساؤلات التي ستلاحقه، أو برَدّ فعل حزبه على موقفه، بقدر انشغاله بمصير البلد الذي خاض لأجله معارك السياسة، والآن يخوض معركة السلاح.

بينما يتقدّم في ساحة القتال، لا يبدو أمين سعد متردّداً أو نادماً. هذه ليست حربه الأولى، لكنها بالتأكيد حربه الأشدّ وضوحاً.

حين يصبح السّلاح واقعاً لا مفرَّ منه

«لم يكن حمل السلاح خياري الأول، بل قاومته طويلاً»، بهذه الكلمات يختصر صخر محمد الزين، عضو كيان «غاضبون»، رحلته من ساحات الاحتجاج إلى الخنادق. إذن، لم يكن القرار وليد لحظة، بل نتاج تراكم طويل من العنف والانتهاكات. يقول في حديثه لـ «أتَـر»: «كان عليّ أن أختار: إما أن أعيش مكلّلاً بعار الصمت، أو أن أواجه هذا الواقع، ولو بجهدٍ ضئيلٍ يتراكم مع غيره ليصنع فارقاً.»

أما مازن الطيب، الطالب بجامعة النيلين والمنتمي إلى كتائب العمل الخاص تحت قيادة الرائد في الجيش السوداني حامد عثمان، فكان يؤمن بأنّ الثورة تُكتب بالحناجر لا بالسلاح؛ لكنه اليوم يُقاتل إلى جانب رفاق كانوا قبل سنوات يهتفون للحرية تحت سماء الخرطوم. «لم يكن هذا خياراً، بل واقعاً فُرض علينا»، يقول مازن لـ «أتَـر»، ويرى أن مجزرة فضّ الاعتصام في يونيو 2019 كانت لحظة حاسمة، لكنها لم تكن كافية لدفعه لحمل السلاح. «عندما تحوّلت انتهاكات قوات الدعم السريع في حرب أبريل إلى كابوس يومي، لم يعد الحياد موقفاً أخلاقياً»، يضيف.

يرى مهند الحسين، الموظف في بنك السودان، أنّ الحرب تجاوزت كونها صراعاً على السُّلطة، وأصبحت تهديداً وجودياً للدولة. “المؤسسات تنهار، المدن تتساقط، والمليشيا تتمدّد. لسنا في معركة سياسية، بل في صراعٍ من أجل بقاء السودان نفسه.”

بالنسبة إلى محمد بشير، أحد أعضاء كيان «غاضبون»، فإنّ الثورة اليوم أمام «اختبار وجودي» بين التمسّك بسلميةٍ باتت مستحيلة، والانخراط في حربٍ تمزّق البلاد إرباً. «نحن أبناء الثورة التي صدَحت بالحلم في وجه الرصاص. لكننا وجدنا أنفسنا بين خيارين مُرّين: أن نقاتل في حربٍ لم نشعل فتيلها، أو أن نقف متفرّجين بينما تتآكل البلاد»، يقول في حديثه لـ «أتَـر».

أما مهند الحسين، الموظف في بنك السودان، فيرى أنّ الحرب تجاوزت كونها صراعاً على السُّلطة، وأصبحت تهديداً وجودياً للدولة. «المؤسسات تنهار، المدن تتساقط، والمليشيا تتمدّد. لسنا في معركة سياسية، بل في صراعٍ من أجل بقاء السودان نفسه.»

ووفقاً لبكري عبد القيوم، طالب جامعة الخرطوم، والمُنخرط في القتال في صفوف كتائب الإسناد، كان حَمْل السلاح ضرورةً وجودية. «في بعض الأحياء، كنا نواجه خطر النهب والاعتداء، ولم يكن أمامنا سوى الدفاع عن أنفسنا»، يقول عبد القيوم، ومن ثم يضيف أنّ انهيار الأمن والاقتصاد دفع كثيراً من الثوار والمواطنين للانضمام إلى وحدات المقاومة، سواءٌ أكان هذا الفعل طلباً للحماية أم بحثاً عن مصدر رزق في بلد ينهار أمام أعينهم.

بالنسبة إلى مصعب الجاك، التاجر في سوق الهواتف بأم درمان، والذي وجد نفسه مضطراً لحمل السلاح، كان الأمر محسوماً منذ رأى الدعم الإقليمي الذي تحظى به الدعم السريع. «عندما أدركنا أنّ وحدتنا الوطنية في خطر، كان علينا أن نختار بين القتال والفناء.»

لكن التحالف مع الجيش ظلّ موضع جدل. يرى مازن أنه «براغماتية ضرورية». «نحن لا نرى الجيش شريكاً استراتيجياً، بل أداة مؤقتة لإزالة خطر داهم. ندرك أنه جزء من المنظومة التي قاومناها، لكن التناقض الرئيس الآن هو مع الدعم السريع. ما بعد الحرب ستبدأ معركة أخرى من أجل الحكم المدني.»

ويتفق معه مهند: «هزيمة الدعم السريع تسبق أي خلاف آخر. الجيش، رغم عيوبه، يظلّ مؤسسة وطنية قابلة للإصلاح، بينما الدعم السريع لا ولاء له إلا لمصالحه.»

بين الداخل والخارج: لا حلول تقليديّة

لكن هل كان بالإمكان تجنّب هذا المصير؟ يرفض المفكّر السوداني عبد الرحمن حسن بوب أيّ حل عسكري: «الجيش والدعم السريع ليسا خيار الشعب السوداني، كما أنّ القوى المدنية لم تطرح مشروعاً واضحاً للحكم. الانشغال بالمعارك السياسية والعسكرية يصرف الأنظار عن القضية الأساسية: بناء نظام حكم مستقل، غير مرهون بالمؤسسة العسكرية أو بأي مليشيا».

لكن بوب، الذي قضى أربعة أشهر في الخرطوم قبل أن تحتلّ قوات الدعم السريع منزله، يرى أن الأزمة السودانية لا يُمكن حلّها عسكرياً أو سياسياً وفق الأطر التقليدية. يقول في حديثه لـ «أتَـر»: «الواقع هناك يفرض على الأفراد اتخاذ تدابير لحماية أنفسهم، وهو أمر لا يرتبط بخيارات سياسية أو أيديولوجية، بل بالبقاء».

متحدثاً لـ «أتر»، يؤكّد الدكتور محمد عبيد، الطبيب النفسي والمحلّل السياسي، أنّ الثورة لم تكن مجرد رفض لحكم الإسلاميين، إنما كانت استجابةً لانهيار شامل طال جميع جوانب الحياة: «اقتصاد مدمَّر، خدمات منهارة، وجيل بلا مستقبل. في مثل هذا الوضع، لم يعد الصمت خياراً.»

قبلها، وعلى الرغم الاحتقان السياسي، لم تنفجر الثورة فوراً. «كان هناك حدٌّ أدنى من الحياة المقبولة. لكن عندما انهارت مقومات العيش، لم يعد لدى الناس ما يخسرونه»، يضيف عبيد.

ومع اندلاع الحرب، وجدت الثورة نفسها أمام واقع أشدّ تعقيداً. يوضح عبيد: «في البداية، لم يكن الثوار مستعدّين للانحياز لأي طرف، لكن سرعان ما أصبح واضحاً أنّ الحرب ليست محض صراع على السّلطة، إنما هي مشروع جديد من السلب والنهب والاستيطان.»

على الصعيد الدولي، لا تبدو الصورة أشدَّ وضوحاً؛ فالمجتمع الدولي، المنهك بأزمات أخرى، اكتفى ببيانات الإدانة والعقوبات غير المؤثرة، بينما تتدخّل أطراف إقليمية لدعم هذا الفصيل أو ذاك وفق مصالحها. يقول بوب: «لم يعد بإمكان السودان انتظار حلول تأتي من الخارج، فالرهان الحقيقي هو على الداخل، إذ يجب أن تتوحّد القوى المدنية، من نقابات ولجان أحياء، لفرض رؤية تتجاوز الأطر التقليدية للدولة القومية والنظام العسكري.»

ما بعد العاصفة: إلى أين تمضي الثورة؟

لكن يظلّ السؤال معلّقاً: هل يمكن للثورة، بعد أن تحوّلت إلى معركة للبقاء، أن تستعيد روحها الأولى؟

يجيب عبيد بلا ونعم، لأن ما تلا الثورة لم يكن أقلّ قسوة، فقد واجهت البلاد واقعاً جديداً، ولم تكن هناك قيادة موحّدة للحراك، ما ترك فراغاً ملأته قوى مختلفة، بعضها لم يكن محلَّ ثقة الجماهير. وبحسب عبيد، فإن ظهور قوات الدعم السريع طرفاً رئيساً في المشهد كان مرفوضاً شعبياً منذ البداية، إذ رأى المحتجّون فيها ميليشيا خارج إطار الدولة.

«كان واضحاً أنّ وجود قوات غير نظامية على هذا النحو يشكّل خطراً. لكن حتى المؤسسة العسكرية بدت متواطئة، أو على الأقل متردّدة في التعامل مع هذا التهديد»، يضيف عبيد.

ثم جاء فضّ الاعتصام، وهي اللحظة التي يعتبرها عبيد نقطة تحوّل حاسمة. «كان الجميع في حالة غليان. ما حدث لم يكن مجرد قمع، بل كان إعلاناً صريحاً بأن السلطة لا تمانع في سحق الناس للبقاء في الحكم».

ومع نشوب الحرب الحالية، وجد الثوار أنفسهم أمام واقع أشدّ قتامة. في البداية، لم يكن لديهم موقف واضح، إذ رأوا في الجيش قوةً فقدت ثقة الشارع، وفي الدعم السريع خصماً لا يمكن القبول به. لكن سرعان ما تغيّر كل شيء، وفق عبيد، عندما أصبح واضحاً أن الحرب ليست مجرد صراع على السلطة، بل مشروع جديد من «السلب والنهب والاستيطان».

«في البداية، لم يكن الناس مستعدّين للانحياز لأي طرف، لكن بعد أسبوع واحد فقط، أصبح واضحاً أن ما يحدث هو استهداف ممنهج للمواطنين».

وفي هذا السياق، يرى عبيد أنّ الثورة لم تنفصل أبداً عن الحرب، بل تحوّلت إلى معركة من أجل البقاء: «إذا كانت الثورة قد اندلعت من أجل استعادة الدولة، فإنّ الحرب الحالية كشفت أن الدولة نفسها قد اختفت، ومعها الحقوق الأساسية للمواطنين. لهذا، وجد كثيرٌ من الناس أنفسهم مضطرين لحمل السلاح، لا من أجل السياسة، بل من أجل الحياة».

يُشير عبيد إلى أنّ القوى السياسية تحاول الفصل بين الثورة والحرب، لكن في نظره، كلاهما جزء من نفس المسار: «ما بدأ ثورةً على الظلم، انتهى معركةً ضدّ الفناء».

الطبّ والحرب

رأيتُ المدينة تئنّ تحت وطأة القصف، رأيت الجرحى يتوافدون بالعشرات، بعضهم يحملون جثامين أحبائهم، وآخرون ينتظرون دَورهم في الموت أو الحياة. كان عليّ أن أتعلّم بسرعة، أن أتصرّف بحسم، أن أكون أكثر من طبيب؛ أن أكون يداً تداوي، وقلباً يحتمل، وعيناً لا تدمع وسط كلّ هذا الدمار

يقول يوسف عادل وهو طبيب حربي مشاركٌ في جبهة القتال، إنّ الثورة تُصنع بالتضحية اليومية لا بالكلمات وحدها، ويضيف في حديثه لـ «أتَـر» : «عندما اندلعت الحرب، لم تكن الخيارات سهلة. كان بإمكاني أن أرحل، أن أبحث عن حياةٍ أكثر أماناً في بلادٍ أخرى، لكنني كنت أعرف أنّ الأوطان لا تُبنى بالرحيل. اخترتُ البقاء، واخترتُ أن أضع يدي حيث يتدفّق الدم، أن أقف حيث ينهار كلّ شيء لأحاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه».

بدأت رحلة الطبيب يوسف خلال الحرب في مستشفى النو بأم درمان، بالعمل في الطوارئ. يقول: «رأيتُ المدينة تئنّ تحت وطأة القصف، رأيت الجرحى يتوافدون بالعشرات، بعضهم يحملون جثامين أحبائهم، وآخرون ينتظرون دَورهم في الموت أو الحياة. كان عليّ أن أتعلّم بسرعة، أن أتصرّف بحسم، أن أكون أكثر من طبيب؛ أن أكون يداً تداوي، وقلباً يحتمل، وعيناً لا تدمع وسط كلّ هذا الدمار».

لكن يوسف اتخذ قراره بترك جدران المستشفى، واختار أن يكون الطبيب الميداني الوحيد في محور بحري، يتنقل مع القوات المسلحة السودانية من جسر الحلفايا حتى القيادة العامة. يقول: «لم يكن هناك وقتٌ للتردّد. كنت أضغط على الجراح بيدي العارية، أحاول إيقاف نزف يهدّد بالحياة، أسمع أنين المصابين وأرى نظراتهم التي تعلق بي كأنها آخر أملٍ متبقّ لهم. كنت الطبيب الوحيد وسط ألف مقاتل، وكان عليّ أن أكون ألف يدٍ لإنقاذهم».

لم يكن الأمر مهنة فحسب، بل معركة أخرى داخل المعركة، يرى رفاقه يتساقطون، ويحمل جثامينهم بيديه، ويسمع أصواتهم تخفت تحت صوت القصف.

يقول: «قد تتغيّر المواقع، لكن المبدأ لا يتغيّر: سأبقى حيث يحتاجني الوطن، عندما تكون الجراح مفتوحة وتحتاج إلى من يضمّدها، وتكون الحياة معلّقة بخيطٍ رفيع وتحتاج إلى من يشدّها من حافة الفناء»، ويضيف: «هذا ما تعلّمته من ثورة ديسمبر، أن الثائر لا يغادر الساحة، حتى عندما يصبح الوطن كله ساحة معركة».

Scroll to Top