أتر

دفتر أحوال السودان في رمضان: من الدّامَر وكسلا

الدّامَر: استهلاك أسرة من ثلاثة أفراد في ولاية نهر النيل

كلّ عام، وقبل رمضان أو خلال الأسبوع الأول منه، درجت العادة في الوزارات والمؤسسات الحكومية، على أن يحصل العاملون على “سلة” رمضانية تُسدَّد تكلفتها على أقساط تُخصَم لاحقاً من رواتبهم. هذا العام حصلت الموظفة وصال، وتعمل بإحدى الوزارات الولاية في مدينة الدامر، على سلة تبلغ تكلفتها 280 ألف جنيه، على أن تتحمّل حكومة الولاية نصف التكلفة وتَخصم المتبقي من راتبها على 10 أشهر بمعدّل 14 ألفاً كلّ شهر. احتوت السلّة على جوال سكّر زنة 50 كيلوجراماً، و12 كيساً من دقيق الأول، وعبوة زيت طعام 4 لتر، ورطلَي شاي (الغزالتين)، و2 كيلو عدس، و2 كيلو أرز، وعلبتي صلصة، وكيلو لبن بودرة.

إضافة إلى السلّة، اشترت أسرة وصال المكوّنة من ثلاثة أفراد، ما تبقى من المستلزمات الرمضانية من مالها الخاص. بعض السلع تشتريها مرة في بداية الشهر مثل البهارات (رطل كزبرة، نصف رطل شمار، نصف رطل قرفة، ورطل ثوم) التي بلغ مجمل تكلفتها 16 ألف جنيه، والعصائر البلدية التي تضمّنت الكركدي بـ 8 آلاف والتبلدي بـ 20 ألفاً. كذلك تشتري الدقيق مرة واحدة بداية الشهر بـ 8 آلاف لنصف ربع من دقيق القمح وكذلك لدقيق الذرة. وتشتري من الفول المصري نصف ربع بـ 25 ألفاً يكفيهم حتى نهاية الشهر. كما تحتاج إلى نصف ربع من البلح (العجوة) في الشهر، لكنه لم يكن ضمن ما اشتروا هذا العام لأنه كان موجوداً في المنزل. وتشتري من البصل ربعاً واحداً بـ 5 آلاف جنيه في بداية الشهر يكفي حتى نهايته.

أما اللحم فتشتريه أسرة وصال على مرتين خلال الشهر، ويبلغ احتياجها في الشهر حوالي 6 كيلو من لحم الضأن الذي بلغ سعر الكيلو منه 30 ألف جنيه مع بداية رمضان، وثلاثة كيلو لحم عجالي بتكلفة 25 ألف جنيه للكيلو، وكيلو كبدة بتكلفة 20 ألف جنيه، وثلاثة كيلو من الدجاج بسعر 14 ألف للكيلو. في المجمل فإن ّاللحم هو الأعلى التكلفة بين المواد الغذائية في رمضان بمجمل 317 ألفاً. أما الكبكبي الذي يصنعون منه البليلة والطعمية، وهما طبقان ثابتان طوال الشهر، فيستهلكون منه نصف ربع بتكلفة 25 ألفاً، ويُشترى على مرتين خوفاً من ألا يكون جيداً؛ فضلاً عن الدكوة على مرتين.

تشتري أسرة وصال الخضروات بما مجمله 7 آلاف جنيه كلّ أسبوع خلال الشهر، وتشتري يومياً 10 أرغفة خبز بـ 1500 جنيه بمعدل 150 جنيهاً للرغيف الواحد. ورغم أنها لا تحتاج إلى الحليب، الذي تحصل عليه من مزرعة أحد أقرباء، ولا الزبادي، الذي يُصنع في المنزل، إلا أن الأسرة تستهلك رطلاً من الحليب وآخر من الزبادي كل يومين. ويبلغ سعر الرطل 1400 جنيه في المدينة. أما الفواكه فلا تُستهلك على نحو راتب وقد تتفاوت من أسبوع إلى آخر. يبلغ سعر البرتقال والقريب فروت 12 ألف جنيه للدستة، وربما استهلك أفراد الأسرة نصف دستة في الأسبوع من أحد الصنفين بـ 6 آلاف جنيه. أما البطيخ فيبلغ سعر الكبيرة منه 25 ألفاً والصغيرة 10 آلاف، وقد يشترون اثنتين خلال الشهر. أما الشمام فهو غائب عن السوق حتى الآن.

إجمالاً، فإن منصرفات رمضان لأسرة وصال تبلغ 505 آلاف جنيه. أعلى بند فيها هو اللحم، تليه البقوليات بمجمل 50 ألفاً والخبز 45 ألفاً، يليه الخضار 33 الفاً، ثم العصائر البلدية 28 ألفاً، والدقيق 16 ألفاً وكذلك البهارات 16 ألفاً. قد تزيد التكلفة أو تنقص قليلاً بحسب ما المُشترى من فواكه. وبإضافة تكلفة السلة المخفضة التي ستُسدَّد لاحقاً فإن مجمل ما تنفقه الأسرة سيكون حوالي 645 ألف جنيه.

الصنف الكمية السعر بالجنيه السوداني
لحم ضأن 6 كيلو 180,000
لحم عجالي 3 كيلو 75,000
كبدة كيلو 20,000
دجاج 3 كيلو 42,000
بصل ربع 5,000
كبكبي نص ربع 25,000
فول مصري نص ربع 25,000
دقيق ذرة نص ربع 8,000
دقيق قمح نص ربع 8,000
تبلدي نص ربع 20,000
كركدي رطلين 8,000
خضار (طماطم، خيار/عجور، جزر، ليمون) ـ 28,000
كزبرة رطل 3,000
شمار نص رطل 4,000
قرفة نص رطل 3,000
ثوم رطل 6,000
صابون بشرى جردل 10,000
زبادي 15 رطل 21,000
لبن 15 رطل 21,000

كسلا: أسعار السلع الرمضانية ترتفع مع قدوم الشهر

انتقلت أسرة عبد الله إلى كسلا بعد اندلاع الحرب في الخرطوم بثلاثة أشهر. صادف أنّ أكثر من أسرة من عائلته المُمتدّة قد اختارت كسلا ملجأً للنزوح من الخرطوم التي عمّتها رائحة الحرب، واتفقت الأسر على استئجار شقّتين كبيرتين لتضمّا أربعَ أسر بأطفالها، تخفيفاً لميزانية الإيجار، خاصة أن معظم عائلي تلك الأسر قد فقدوا وظائفهم وأعمالهم أو وجدوا سبل رزق مختلفة عن التي كانوا يؤدونها في الخرطوم قبل الحرب.

كان عبد الله يعمل موظّفاً بإحدى شركات القطاع الخاص بالخرطوم، وقد أوقفت أعمالها نتيجة للحرب، لذلك عمل مشرفاً على كافتيريا في مدينة كسلا، ليستطيع توفير تكلفة الإيجار والمعيشة لأسرته الصغيرة، ولا يختلف كثيراً حال بقية العائلة التي يتشارك أفرادها السكنى والمعاش في أوضاع اقتصادية وأمنية مضطربة تعاني منها البلاد بأجمعها.

هذا هو شهر رمضان الثاني الذي تقضيه أسرة بشير وعائلته الممتدّة في كسلا، وأمام التكاليف الاستثنائية لشهر رمضان، قرّرت الأُسر أن تتكاتف لجلب ما تحتاج إليه في الشهر المبارك جماعياً في هذا الظرف القاهر.

متحدّثاً لمراسل “أتَـر”، يقول عبد الله: “قُبيل رمضان وضعنا الميزانية، فوجدناها تبلغ حوالي 550 ألف جنيه لاحتياجات قد تكفي الأسر الأربع لـ 15 إلى 20 يوماً من الشهر، فقسمنا احتياجات رمضان بيننا ووزّعنا تكاليف المواد كلّ بحسب استطاعته”.

استطاعت العائلة توفير جوال سكّر زنة 50 كيلوغراماً بسعر 128 ألف جنيه، وجركانة زيت زنة 36 رطلاً بسعر 100 ألف جنيه، وجوال بصل صغير بسعر 25 ألفاً، إضافة إلى غير ذلك من الاحتياجات بكميات محدودة، مثل العرديب والكركدي والتبلدي والبلح والكبكبي والعدسية والويكة والفول المصري والشرموط والعدس والبنّ والشاي والدقيق والصلصة والدكوة. يُفصّل عبد الله الكميات التي استطاعوا الحصول عليها لمراسل “أتَـر” في ورقة كالآتي:

الصنف الكمية السعر بالجنيه السوداني
العرديب 2 رطل 16,000
الكركدي 2 تُمنة 2,000
التبلدي 2 تُمنة 12,000
البلح 4 تُمنة 16,000
البصل جوال 50 كيلو 25,000
الفول المصري 2 كيلو 12,000
الدكوة 2 كيلو 10,000
الكبكبي 2 كيلو 8,000
الويكة المسحونة 2 رطل 20,000
العدسية تمنة 4,000
الشرموط 4 كيلو 100,000
السكر 50 كيلو 128,000
العدس 3 كيلو 10,500
الزيت 36 رطل 100,000
البن المسحون رطل 10,000
الدقيق 25 كيلو 41,000
الصلصة 2 علبة 6,000
الشاي رطل 5,000
دقيق طابت 2 ربع 30,000

يقول عبد الله: “قبل قدوم رمضان بحوالي أسبوع كانت الأسعار مقبولة إلى حدّ ما، لكن مع اقتراب الشهر زادت أسعار معظم السلع الرمضانية، فجوال السكر زنة 50 كيلوغراماً الذي كان يباع بـ 108 آلاف ارتفع سعره إلى 128 ألفا بالكاش، و135 ألفاً عن طريق تطبيق بنكك”.

انتقلت أسرة مأمون التي تتكوّن من ستة أفراد من رفاعة إلى كسلا خلال الحرب، لكن كان حظّها أفضل لأنهم يمتلكون منزلاً بها. استطاعت الأسرة إقامة كشك للوجبات السريعة بالسوق لتدبير تكلفة المعيشة. متحدثاً لـ “أتَـر” يقول مأمون: “رغم الغلاء الذي اعترى أسعار السلع مع اقتراب شهر رمضان، إلا أنّ تكلفة احتياجات رمضان كانت أقل من غيره من الشهور”، ويعزو ذلك إلى التكاتف بين الأسر في رمضان خاصة أنّ معظمها تعتمد على الإفطار الجماعي في الساحات والشوارع.

استطاعت الأسرة تدبير احتياجات الشهر مبكّراً بما يُعادل مليون جنيه سوداني، خاصة أن أفرادها تحصّلوا على المواد الاستهلاكية قبل ارتفاع أسعارها في الأسبوع الأخير من مطلع الشهر، بحكم عملهم في السوق وتوقع زيادة الأسعار. ويشير مأمون إلى ارتفاع بالغ في أسعار الأواني المنزلية في سوق كسلا مع قدوم الشهر فاكتفوا بالمتوفر لديهم منها خلال رمضان هذا العام.

فرضت الحرب واقعاً جديداً على الأسر السودانية، لكنها بأية حال تتدّبر سبل حياتها وتخوض المواسم المختلفة بابتكار سبل جديدة تدفعهم في ذلك غريزة مواصلة العيش.

Scroll to Top