
ليست هذه إحاطةً بأسماء الوفيات في المشهد الثقافي السوداني، ولا رثاء؛ لكنّها تذكاراتٌ لوجوهٍ وأشخاص فاعلين في المشهد الإبداعي والثقافي والفكري السوداني، قضوا نحبهم خلال عامين من نشوب حرب 15 أبريل، كمداً، أو مرضاً، أو تعذيباً، أو بالرّصاص؛ أو مثلما شاء لهم قدرُ انقضاء الحياة. حالة ثقافية كاملة باتت تتداعى بفقدانهم. على هوامش المدن السودانية وطرقاتها ومُنتدياتها ومراكزها الثقافية ومكتباتها ظلّوا يكدحون، كلٌّ بحسب ما تهيَّأ له من إبداع وإيمان بقضايا المعرفة والجمال والفكر. ومثلما تتضارب الإحصاءات عن أعداد قتلى الحرب في السودان منذ نشوبها؛ فإنه لا يوجد إحصاء رسمي بعدد الفنّانين والكُتّاب والباحثين الذين قضوا في الحرب بعدُ، خاصة أنّ نشاط معظم الاتحادات والأجسام الفاعلة في المجال الثقافي قد توقّف مع حالة النزوح واللجوء الراهنة.
السر خضر

مترجم وأكاديمي، لُقِّب بـ «شيخ المترجمين السودانيين». برع السر خضر في ترجمة الشعر السوداني إلى اللغة الإنجليزية، وفي ترجمة أعمال شعرية ومسرحية إلى العربية.
درَس السر بجامعة الخرطوم كلية الآداب، وهو في دفعة منها الخاتم عدلان، عبد الهادي الصديق، محمد المهدي بشرى، كامل عبد الماجد، محمد وقيع الله، شوقي عز الدين؛ وعاصر شعراء وأدباء بارزين، منهم علي عبد القيوم ومحمد عبد الحي، وخالد المبارك، وإسماعيل الحاج موسى، وفضل الله محمد.
عمل بالتعليم العام وتدرَّج من معلّم إلى ناظر إلى مُوجِّه تربوي، وعمل فترة قصيرة بسلطنة عمان؛ ثم عمل أستاذاً جامعياً بكلية ود مدني الأهلية، وظلّ بيته بود مدني مُلتقىً للأُدباء والكُتَّاب من أمثال محمد عبد الحي، ومحيي الدين فارس ومصطفى سند، وغيرهم كثر.
أصدر السر خضر «قاموس الخدمة المدنية»، وأعدّ سبعة قواميس في مجالات مختلفة وإن لم تنل حظها من النشر، واشترك في إصدار ترجمات للشعر الإفريقي والسوداني، كما ترجم مسرحيات وقصصاً قصيرة نُشرت في السبعينيات في الملفات الأدبية والثقافية وفي مجلة «سودان ناو»، وصدر له كتاب ترجمات شعرية لشعراء سودانيين إلى اللغة الإنجليزية بعنوان «Modern Sudanese Poetry» من مطبوعات وزارة الثقافة الاتحادية في العام 2018. توفّي السر بمنزله بمدينة ود مدني في الثاني عشر من سبتمبر 2023.
عبد الواحد عبد الله

في الخامس من مايو 2023، وبعد نشوب الحرب بأقلّ من شهر، توفّي الشاعر السوداني عبد الواحد عبد الله يوسف، عن عمر ناهز الـ 84 عاماً، بمدينته القضارف. عُرف عبد الواحد بأنه كتب قصيدة «نشيد الاستقلال» التي تغنّى بها محمد وردي، لتُسجّل بالإذاعة السودانية في عام 1960. التحق عبد الواحد بالمعهد العلمي ودرس العلوم العربيّة الشرعيّة والدينيّة، ومن ثم انتقل إلى مدرسة القضارف الأهلية الوسطى ومنها إلى حنتوب الثانويّة بولاية الجزيرة وسط السودان. وحظي بتلقّي العلم على يدي بروفيسور عبد الله الطيب، وعز الدين الأمين، وعون الشريف قاسم، وعبد المجيد عابدين، ومحمد إبراهيم الشوش، وإحسان عباس.
وكان الشاعر أحد أبرز مؤسّسي «جماعة إخوان الصفا» السودانية التي كانت تُعنى بمختلف ضروب الفن، ومن أعضائها الشعراء: الحَسين الحسن، وصديق مدثر، وعبد المجيد حاج الأمين، وكمال عمر الأمين، وعز الدين محمود، والموسيقار عبد الكريم الكابلي.
تخصَّصَ عبد الواحد في التربية، ونال فيها درجة الماجستير من إنجلترا والدكتوراة من كندا، وعمل أستاذاً في جامعتي الخرطوم وزامبيا. عمل كذلك في منظمة «اليونسكو» لأكثر من 20 عاماً، وله ديوان واحد صدر عن مركز عبد الكريم ميرغني الثقافي بعنوان «قصائد حبّ للناس والوطن».
آسيا عبد الماجد

رائدة مسرحية، وزوجة الشاعر محمد مفتاح الفيتوري. في عام 1959 التحقت آسيا بكلية المعلّمات في أم درمان، وعملت بعد تخرّجها في الكلية نفسها. واهتمّت الراحلة بالتعليم ما قبل المدرسي، وأسّست روضة «أم إيهاب» في مدينة الخرطوم بحري. وهي أول ممثلة سودانية تصعد على خشبة المسرح في ستينيات القرن العشرين، وحينها أطلقت عليها الصحافة لقب «ممثلة السودان الأولى». سافرت إلى مصر عام 1968 للدراسة في أكاديمية الفنون المسرحية وتخرّجت في 1972.
فتحت آسيا عبد الماجد باباً للممثلات السودانيات يدخلن منه إلى المسرح واثقات، حين كان التمثيل يُعدّ في الأعراف السودانية مُنتقِصاً من مكانة المرأة.
رحلَت في الثالث من مايو 2023، ضحيةً لأحداث الحرب، واضطرّت أسرتها إلى دفن جثمانها في منزلها الذي وافتها فيه المَنيّة بالخرطوم بحري، إذ صعب نقل جثمانها ليُوارى في مقابر المدينة، وسط دوي القذائف وأزيز الرصاص.
مكّي أحمد

شاعر وكاتب، تخرّج في كلية الآداب جامعة الخرطوم. انتشر شعره على المواقع الإلكترونية والملاحق الثقافية بالصحف السودانية، ووسائط التواصل الاجتماعي، وله مدوّنة شخصية نَشَر فيها شعره ومقالاته. يُعَدُّ أحد أبرز الأصوات الشعرية الجديدة. بعد نشوب الحرب في الخرطوم انتقل منها إلى مسقط رأسه في ود مدني، وتمسّك بالإقامة في منزله بعد اجتياح الدعم السريع المدينة في ديسمبر 2023. تعرض مكي للتعذيب من قِبَلِ أفراد الدعم السريع بود مدني، بحسب ما أخبر ذووه «أتر»، ليُسلم الروح في أواخر سبتمبر 2024.
شادن حسين

باحثة في التراث ومغنية وشاعرة شعبية، وداعية للسلام عبر أغنياتها التراثية. نشأت في مدينة الأبيض، في عائلة فنية. درست مراحلها الأولية بمدينتها الأبيض، وتخرجت من جامعة أم درمان الأهلية كلية الاقتصاد، وركزت على مشروع غناء التراث في مناطق جنوب وشمال كردفان.
ومن قبيل المفارقة، أن تكون رسائل السلام هي أساس مشروع شادن الفني والبحثي، لكنها راحت ضحية للحرب قبل انقضاء شهر الأول بقذيفة طائشة، أصابت منزلها في حي الهاشماب في أم درمان، في 13 مايو 2023.
فتحي البحيري

تعدَّدَت أوجُه حياته، شاعر وروائي وقاصّ ومُناضل سياسي وصحافي ومُعلم بالمدارس الثانوية. أحد أبرز الأدباء منذ التسعينيات، ارتاد منتديات أم درمان: مكتبة البشير الريح، ومنتدى محمد صديق الثقافي، ومنتدى إشراقة. درس بكلية العلوم الرياضية بجامعة الخرطوم، وصدرت له روايتان «اكفهرار» و «مياه إقليدية» ومجموعة قصصية «زيدان الكسلان» وأخرى شعرية «على خطى موتي الجميل» غير منشورتين. عاصر أدباء مثل الصادق الرضي وعثمان شنقر وبابكر الوسيلة وعاطف خيري. وأنشأ وأدار موقع «كتابُك» الإلكتروني. كان دؤوباً في صناعة الكتابة شعراً وقصةً ونثراً ومقالاً، مُنفرداً برأيه، منتمياً إلى وجهة نظره بصدق وتجرّد. توفي في 27 أبريل بحي الصالحة بأم درمان نتيجة مضاعفات صحّيّة وانعدام الدواء.
كمال الجزولي

كاتب وشاعر ومحامٍ وخبير قانوني، وهو السكرتير العام المنتخب لاتحاد الكتاب السودانيين عقب تأسيسه (1985 ـ 1989)، وخلال الدورة الأولى للميلاد الثاني (2006 ـ 2007). صدر له عدد من الدواوين والدراسات والبحوث والمقالات الصحافية. ظلّ ينشر مقاله الشهير الروزنامة في عدد من الصحف السودانية منذ العام 1990، بدءاً بصحيفة الصحافة، ومن ثم الرأي العام والأخبار وأجراس الحرية والسوداني، واستضاف للكتابة فيه كثيراً من الكتّاب. من دواوينه «القصيدة الجبلية»، و «عزيف الريح خلف بوابة صدئة»، و «أم درمان تأتي في قطار الثامنة»، وتُرجمت العديد من قصائده إلى الإنجليزية والروسية والأوكرانية. وعن الشاعر السوداني عبد الرحيم أبو ذكرى أصدر الجزولي كتابه «أبو ذكرى: نهاية العالم خلف النافذة»، وأصدر كذلك «كتاب الروزنامة الأول» و «إنتليجينسيا نبات الظل»، وله كثير من البحوث والدراسات والمقالات في الأدب والقانون والتاريخ والفكر السياسي والاجتماعي، منشورة في عدد من الدوريات المتخصصة والمجلات والصحف الورقية والإلكترونية داخل السودان وخارجه. توفي بالقاهرة 5 نوفمبر 2023، بعد أن وصل إليها مستشفياً.
سيف سمعَريت «عم سيف»

مؤسّس «مركز الخرطوم للاطلاع والمشاهدة» الذي ظلّ مركزاً للقاء الكتاب والفنانين والمثقفين في الخرطوم، ويضمّ مكتبة غنية بالكتب الثقافية والفكرية والأعمال الأدبية وعدد من الدراسات في التاريخ السياسي والاجتماعي. بدأ مركزه نشاطه منذ أكثر من عشرين عاماً، وتنقّل مقرّه في عدد من أحياء مدينة الخرطوم.
اتخذ «عم سيف» – وهو اللقب الذي اشتُهر به – المقاومة الثقافية طريقاً للتحرّر ومناهضة الأنظمة الديكتاتورية، وجذَب أجيالاً من الكتّاب ومرتادي القراءة إلى مركزه من خلال الحوار، ليضمّ المركز تيارات مختلفة ومتنوّعة. تمتّع العم سيف سمعريت بعلاقات واسعة مع الأجيال التي مرّت عبر مكتبته والفعاليات المختلفة التي كانت تشهدها. خلال الحرب نزح العم سيف إلى تَنقاسِي بالولاية الشمالية، وتوفي بها في الرابع عشر من يناير 2024.
الطيّب أحمد الطيّب

مُطّلع، واسع الثقافة، ارتبطت حياته بالكتاب والمعرفة، وأحد أدلّاء الكتب الفكرية والثقافية والأدبية في الخرطوم، مُرشد إلى المعرفة بتفانٍ ومحبّة، وحافظ لأسرار القراءة والكِتاب. عرفه المجتمع الثقافي بمشاركاته في النقاشات العامة والمنتديات. تخرّج الطيب في كلية الحقوق جامعة القاهرة فرع الخرطوم في أواخر الثمانينيات. عقب تخرجه، التحق بوزارة التجارة والتعاون ليعمل بها 17 عاماً، ومن ثم انتقل للعمل بشركة غناوة ثم مطبعة الأشقاء بالخرطوم بحري، التي عاصر فيها آنذاك الشاعرَيْن الراحلين محمد الحسن سالم حميد وعفاف الصادق حمد النيل. ورغم أنه لم يُعرَفْ كاتباً أو أديباً، لكن حضوره وتأثيره في المشهد الثقافي كان نتيجةَ انتماءٍ إلى روح الكتابة والبحث الدؤوب والمعرفة التي لم يتخذ سبيلاً غيرها في اكتنافه الحياة. في الحادي والعشرين من فبراير 2025، توفّي الطيب، بحسب ما أخبر أفراد من أسرته «أتر»، نتيجة إصابته برصاصة من قوات الدعم السريع بالحاج يوسف، التي لم يخرج منها منذ نشوب الحرب.
عبد الهادي الشقليني

فنان تشكيلي ونحات، شارك في العديد من المعارض الجماعية بمعهد جوتا والمركز الثقافي البريطاني والمعهد الفرنسي بالخرطوم، وشارك في معارض بجامعات أم درمان الأهلية والأحفاد وكمبيوتر مان وجامعة الخرطوم. مارس التلوين والرسم وآخر أعماله تركزت في النحت على المعدن وإعادة التدوير، وله أعمال تفوق 2000 عمل مكتمل.
وُلد عبد الهادي – المعروف في الوسط الفني والثقافي بـ «إيدي» – بأم درمان حي أبوكدوك 1980، ودرس مراحله التعليمية بها ثم التحق بمدرسة الاقتصاد والإدارة والتخطيط قسم البنوك بكلية شرق النيل الجامعية وتخرج فيها، لكنه لم يعمل في مجال تخصصه، إذ اختار أن يكوناً فناناً فطرياً، فأنشأ مرسمه بأم درمان مع توأمه عبد المنعم منذ العام 1998 وظل فيه حتى وفاته في الثاني من فبراير 2024، متأثراً بالمرض وانعدام العلاج بحسب ما أخبر شقيقه التوأم «أتر».
مهدي آدم حسين «قطّيّة»

شاعر وقاص وكاتب مقالات. وهو أحد الشخصيات البارزة في سوح العمل الثقافي، خاصة بأم درمان، وأحد رواد مكتبة البشير الريح العامة ومركز شباب الربيع ومركز شباب أم درمان وما حولهما، فضلاً عن ارتياده منتدى محمد صديق المحامي منذ منتصف التسعينيات حتى بدايات الألفية الثالثة. اختار مهدي فرادة الحياة والرأي وتعدَّدَت اهتماماته في الكتابة والموسيقى والشأن العام. له مقالات وأعمال أدبية منشورة في عدد من الملاحق الثقافية في الصحف السودانية ولم يصدر له كتاب.
التزم مهدي أمدرمانه حتى وافته المنية في فبراير 2024، بعد معاناة مع مرض القلب.
محمد خير عبدالله

رئيس سابق لنادي القصة السوداني، قاص وروائي كثيف الإنتاج، ومدير عام مجلة «سرديات» وصحيفة «القصة السودانية». في العام 1999 صدرت له مجموعتان قصصيتان «حنيميات» و «هذا هذا»، ثم أتبع ذلك بإصدار عدد من الروايات تجاوزت التسع، إضافة إلى كتابه التوثيقي عن رفيقه الشاعر أبو ذر الغفاري الذي اختفى في ظروف غامضة أوائل التسعينيات. في بداية الثمانينيات عمل محمد خير موظّفاً بالإعلام الزراعي التابع لوزارة الزراعة والثروة الحيوانية، وفُصِل مع آلاف العاملين في ما يعرف بسياسة التمكين التي انتهجها نظام الإنقاذ منذ بداياته، فصار كاتباً صحفياً بكلّ من صحيفة «الخبر» و «الصحافة» و«الرأي العام» و «القرار».
تميّز محمد خير بشخصية تمزج بين السخرية والمرح الطفولي، وحتى آخر أيامه ظلّ مهتمّاً بالعمل الثقافي وتشجيع الكُتّاب الشباب وتنمية قدراتهم. خلال الحرب الأخيرة نزح إلى مدينته كوستي مواصلاً دأبه، حتى وافته المَنيّة في أواخر فبراير 2025 متأثّراً بمرض الكوليرا الذي انتشر في المدينة في الشهور الأخيرة.
الباقر عفيف

كاتب وسياسي، عُرف بميله إلى التدقيق في القضايا الاجتماعية والسياسية، إضافة إلى الدفاع عن حقوق الإنسان والديمقراطية. كتب مقالات ودراسات تتناول قضايا الهوية وحقوق الإنسان، ويعد كتابه «وجوه خلف الحرب» من أشهر ما كتب، وتضمّن مقاله الذائع «أزمة الهوية في شمال السودان: متاهة قوم سود ذوي ثقافة بيضاء».
تلقّى الباقر تعليمه في جامعة الخرطوم، وانتقل لاحقاً إلى المملكة المتحدة، حيث أكمل دراسته العليا.
أسَّس صحيفة «التغيير» عام 2013، ورأس مجلس إدارتها، وشغل إدارة مركز الخاتم عدلان للاستنارة والتنمية البشرية منذ العام 2007. وعمل أستاذاً لعلوم الشرق الأوسط بجامعة الميتروبوليتان بمانشستر، كما عمل أستاذاً للغة الإنجليزية بجامعة الجزيرة بودمدني (1988-1990). توفي العفيف في 23 يناير 2025 بعد صراع مع المرض.
هاشم صدّيق

شاعر وكاتب مسرحي بارز، وكاتب دراما تلفزيونية وناقد وأكاديمي. اشتهر بتأليفه أوبريت «ملحمة قصة ثورة» التي استلهمت أحداث ثورة أكتوبر 1964، وكَتَبَ نصوصَها وهو لا يزال شاباً لم يُجاوِز العشرين، وله عدد كبيرٌ من الأعمال الشعرية والغنائية والدرامية التي بُثَّتْ في الإذاعة والتلفزيون القومي.
تميّزت قصائده بالتفاعل مع الأحداث السياسية والعامة، وسافر إلى المملكة المتحدة لدراسة التمثيل والإخراج، وعمل بعد تخرّجه أستاذاً محاضراً وأستاذاً مشاركاً بالمعهد العالي للموسيقى والمسرح بالسودان حتى عام 1995.
وفي سبتمبر 2023، أُجلِي الشاعر من منزله بحي بانت شرق بأم درمان، إلى كرري شمالاً نتيجة للأعمال الحربية بين قوات الجيش والدعم السريع، لينتقل إلى بورتسودان ومنها إلى دولة الإمارات، حيث وافته المَنيّة يوم 9 نوفمبر 2024.
محمد المكي إبراهيم

شاعر ودبلوماسي، وأحد أبرز الأسماء التي نظّرت لتيار الغابة والصحراء، وأحد شعراء موكب حداثة الشعر السوداني. إضافة إلى دواوينه، وأشهرها «أمّتي»، ألَّفَ الراحل عدداً من الكتب في الشأن السوداني: «ظلال وأفيال» و«في ذكرى الغابة والصحراء» و«الفكر السوداني: أصوله وتطوّره»، إضافة إلى كتاب «الأكتوبريات» الذي ضمَّ مقالاتٍ وقصائدَ عن ثورة أكتوبر 1964، ضد نظام الفريق إبراهيم عبود، إضافة إلى رواية وحيدة نُشر منها فصلان في مجلة «الخرطوم» عنوانها «آخر العنابسة».
تميّزت شعريَّته بالجزالة والعذوبة وسلوك طريق البساطة المتعذّرة، وامتدّ تأثير تجربته إلى معاصريه وإلى أجيال شعرية تلت تجربته. انتقل إلى الرفيق الأعلى في القاهرة في 29 سبتمبر 2024، بعيداً من أرض بلاده بعد معاناة مع المرض.
عمر ياجي

كاتبٌ ومهندس مُتخصِّصٌ في عمليات الإنتاج، وأستاذ جامعي ومستشار دولي للبيئة، وباحث رفيع في مجالات الطاقة النظيفة. وظل عمر ياجي يرفد مجلة الحداثة السودانية بدراساته ومقالاته، على نحو راتب، وداعماً للعديد من منظمات المجتمع المدني الأخرى. نشرت له سلسلة القراءة من أجل التغيير كتاب «رسالة الأمل- حول مشروع النهضة السوداني»، الذي عالج فيه مشروع النهضة السوداني من خلال تحليل الأزمات السياسية والثقافية والبيئية التي تواجه البلاد. وعمل الراحل بمعهد الاستشارات والصناعات السودانية، وأسّس معهد بحوث البناء بجامعة الخرطوم، إضافة إلى أدواره البارزة في دول عربية مثل اليمن وسوريا والإمارات وقطر. وهو عضو مشارك مع الباحثين الأمريكيين في مشروع توليد الطاقة الكهربائية من طبقات الفضاء منذ عام 2009. تدهورت الحالة الصحية لياجي قبل نشوب الحرب، ونزح مع أسرته من منزله بحي المنشية في الخرطوم إلى شرق رفاعة، ومن ثم توجه إلى مروي طلباً للعلاج، وتوفي في الرابع من أغسطس 2024 بعد رحلة نزوح طويلة من رفاعة إلى مروي حيث أسلم الروح.
نعمات حماد

ممثلة وإذاعية وصحافية. كان وجه نعمات أول وجه لامرأة سودانية يشاهده السودانيون على الشاشة الصغيرة في الستينيات، وكانت أذنها أول أذن لامرأة سودانية تلتقط لفظة «أكشن». وتعد من رائدات العمل المسرحي والثقافي في السودان، شاركت في العديد من الأعمال في التلفزيون والإذاعة والمسرح مع الراحل حسن عبد المجيد والمخرج أحمد عاطف وعدد من الممثلين والممثلات، كما عملت في المجلس القومي للآداب والفنون، ولاحقاً هاجرت إلى بريطانيا وابتدرت وجودها هناك كناشطة صاحبة مساهمات عديدة ومتنوعة، وتحصّلت هناك على درجات فوق جامعية.
في الثامن من مايو 2024، توفيت نعمات حماد، بالعاصمة البريطانية لندن، بعد حياة حافلة بالإبداع والمساهمة في شتى حقول ومجالات الثقافة والاجتماع.
عبد الرحيم بلال

كاتب في قضايا العدالة الاجتماعية والبيئة، وعمل على تمكين المجتمع المدني واتحادات العمال والنساء والشباب، وأحد مؤسسي جمعية حماية المستهلك والجمعية السودانية لحماية البيئة. تولى إدارة مؤسسة فريدريش أيبرت الألمانية في السودان، وصدرت له عدد من البحوث والدراسات، إضافة إلى كتابيه «القضية الاجتماعية والمجتمع المدني في السودان» و «تأسيس دولة الرعاية الاجتماعية».
تلقى بلال تعليمه الأوَّلي بالخرطوم وانخرط في النشاط الطلابي ولم يتجاوز عمره الستة عشر عاماً مترئساً الاتحاد الإقليمي لطلاب الخرطوم بحري. بدأ دراسته بجامعة الخرطوم التي فصل منها، فالتحق بوزارة التربية والتعليم معلماً قبل أن يسافر إلى ألمانيا ويلتحق بإحدى جامعاتها في العام 1957 دارساً للهندسة ثم علم الاجتماع. واستهوته الكتابة في الصحف وإجراء البحوث في ألمانيا ونشرت له جريدة الجامعة عدة مقالات مما شجعه للكتابة بصورة راتبة في الصحف اليومية الألمانية.
وحينما اشتد القتال بمدينة الخرطوم بحري انتقل إلى أم درمان التي وافته المنية فيها يوم 15 مارس 2025، بعد إصابته بجلطة دماغية.
محمد خير الخولاني

شاعر، من مدينة نيالا. نظم شعره بلغة أهله في دارفور وأظهر جمالياتها. نشأ محمد خير في مدينته نيالا التي آثر أن يعود إليها بعد انقضاء سنوات دراسته الجامعية بجامعة أم درمان الإسلامية، متخصصاً في التربية. وانخرط في مجال التعليم بنيالا، ومن ثم انتدب بعدها إلى وزارة الثقافة بولاية جنوب دارفور حتى وصل إلى منصب مدير عام الثقافة بالولاية. يقول مجايلوه إنه كان شعلة من النشاط والحيوية، ومؤسس للعديد من المنتديات الثقافية، وله أسلوب جاذب في إلقاء الشعر يجذب المستمعين في كل مناسبة مناسبات المدينة، وله العديد من القصائد المصورة على اليوتيوب، وغنى له الفنان الهادي الجبل «حبيته فرادي» التي اشتهرت بأدائها الفنانة نانسي عجاج، إضافة إلى الفنان عمر إحساس، وعدد من فناني دارفور. عندما اندلعت الحرب كان يستعِدّ لإصدار ديوان «أقا جاي»، لكن انتقال الحرب إلى مدينته نيالا دفعه إلى مغادرتها إلى دولة ليبيا التي توفي فيها أوائل نوفمبر 2024 نتيجة لمضاعفات مرضية، بحسب ما أبلغ مقربون منه «أتر».