
مرَّ حوالي شهر ونصف على الوعود التي أطلقها حاكم إقليم دارفور منّي أركو منّاوي، ووزير المالية وقائد حركة العدل المساواة جبريل إبراهيم، وغيرهما من قيادات الجيش السوداني والفصائل المُسانِدة له، لساكني الفاشر بفكّ الحصار قريباً. وقد تأهّب الجميع انتظاراً لوصول المتحرّكات، وعاش السكّان أياماً يأملون فيها أن تكفّ حصباء التدوين تجاه المنازل والمرافق المدنية والصحّية، لكن تبدَّد الأمل إذ أحكمت الدعم السريع حصارها على المدينة، وقتلت أو أسَرت كلّ من حاول الفرار وكثّفت التدوين على الداخل؛ ولم يرأف حاكم الإقليم بخيبة أملهم إذ ناشَد الأمم المتحدة على حسابه الرسميّ على منصّة فيسبوك بالتدخّلَ لفكّ حصار الفاشر.
واتهم مناوي، بتاريخ 6 أبريل، الدعم السريع وحلفاءها في «تأسيس» بالتخطيط لتهجير سكان الفاشر وزمزم عبر البيانات المُضلِّلة وتكثيف القصف والقتل وسط المواطنين، مُطالباً الناس بعدم الانصياع لهذا «المخطط الخبيث الذي يتورط فيه أقرب أبنائكم المعروفين».
وكانت تنسيقية معسكر زمزم للنازحين – الفاشر، قد أصدرت بياناً تتهم فيه مناوي والقوات المشتركة بتحويل معسكر زمزم إلى قاعدة عسكرية، «مما أفقده صفته كمخيم للنازحين، وجعل منه ثكنة عسكرية»، وتسبب في انتقال المعارك إلى داخله، ما أسفر عن مقتل وجرح العديد من النازحين، إضافة إلى تدمير وحرق مساكنهم. وأضاف البيان الصادر بتاريخ 6 أبريل، وتحصّلت «أتر» على نسخة منه، «أن رهان النازحين على القوات المشتركة والقوات المسلحة في توفير الحماية كان رهاناً خاسراً. وعليه، نجد أنفسنا مُتوافقين مع بيان حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي، ومُضطرّين لمُغادرة المخيم، وننصح جميع النازحين بالاستجابة لنداء الخروج الآمن». وكانت حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي، بقيادة الهادي إدريس قد ناشدت سكان الفاشر ومعسكرات النزوح مراراً لمغادرة مناطق الاشتباك.
بدورها، أصدرت الإدارة العليا لمعسكر زمزم بياناً شديد اللهجة، اتهمت فيه «المنسقية العامة للنازحين واللاجئين» ومن ضمنها «تنسيقية معسكر زمزم للنازحين – الفاشر»، بافتقارها إلى «الشرعية، وأنها تعمل على تنفيذ أجندة سياسية مشبوهة لا تمتُّ بصلة إلى معاناة النازحين واللاجئين، بل تستخدم قضيتهم ورقةَ ضغط لتحقيق مصالح فئوية وحزبية». كما حذرت «الوكالات الأممية، المنظمات الإنسانية، والقنوات الإعلامية من التعامل مع أي جهات أو كيانات تدّعي تمثيل النازحين واللاجئين دون تفويض شرعي وحقيقي من داخل معسكرات النزوح واللجوء».
ليست هذه المرة الأولى التي يَختلف فيها حلفاء اتفاقية جوبا حول مصير سكان الفاشر. ففي مطلع نوفمبر 2023، بعد سبعة أشهر من الحرب، وقبل أسبوعين فقط من فض حلف جوبا؛ انتقد حاكم إقليم دارفور مناوي، مُطالبة والي ولاية شمال دارفور الجيش والدعم السريع بالسماح للمدنيين بمغادرة مواقع الاشتباكات المحتملة في الفاشر، ونصح قوات الدعم السريع بعدم شن هجمات على المدينة ومُراعاة اكتظاظها بآلاف النازحين. وردَّاً على ذلك، قال مناوي عبر صفحته على منصة إكس إن «نداء والي شمال دارفور الصوتي غير موفق»، موضحاً أنه لم يلمس من قيادة الدعم السريع نية هجوم على المدينة رغم تواصله معهم.
ظهر قائد ثاني قوات الدعم السريع في الثالث من أبريل الجاري عبر ڤيديو بثّته قوات الدعم السريع على منصّات التواصل الاجتماعي – دققت محتواه «أتر» -، مُخاطباً فيه جنوده بالهجوم على الولاية الشمالية. وقد ظهر في الڤيديو جنديَّان في الصّفوف الخلفية تحدَّثَا عن هجوم كاسح على الفاشر، الأمر الذي أثار ضجةً واسعةً وسط سكان المدينة، وخوفاً وهلعاً كبيرَيْن لدى مواطنيها البعيدين عنها، وسط صمت الجيش السوداني والقوات المساندة له.
الفاشر حاضرة دارفور وآخر معاقل الجيش السوداني بالإقليم. ظلّت المدينة تواجه حصاراً مطبقاً من قوات الدعم السريع لنحو عام ونصف، وتدويناً مستمراً ومُمنهجاً تجاه المدنيّين والمرافق المدنية والصحية، أدّى إلى خروج جميع المرافق الصحية عن الخدمة، وفرار قرابة ثلثي السكّان إلى الخارج، ووضَع سكّان المدينة الصامدين فيها بين مطرقة الدعم السريع وسندان الغلاء وانعدام الكاش.
الوضع العسكري
في حديث لـ «أتَـر»، أخبر أحد جنود القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح، فضّل حجبَ اسمه، بأنّ الوضع العسكري بالفاشر جيّد جداً، وأنّ قيادة الجيش تُسقِط عبر طائراتها المؤن والذخائر والزي العسكري في فترات مُتقاربة، مضيفاً أنّ الجيش يَعي تماماً ما يفعله ويُدرك كيفية إدارة المعركة، رغم ما يُواجهه الجنود من مَكاره الحرب التي لا مفرّ منها.
رغم ضيق الوضع والحصار، إلا أن أهل المدينة من مواطنين وجنود أصبحوا أكثر اتحاداً من ذي قبل، إذ تجدهم يتقاسمون حتى لقمة العيش. لكن يبقى الهم الأكبر لكلّ منهم هو عائلته التي تنتظر الراتب مطلع كلّ شهر لتشتري به وجبة واحدة فقط يومياً مع ارتفاع الأسعار.
أما الجندي علي عبد الرحمن، أحد المقاتلين بالفاشر، فقد حدّث «أتَـر»، قائلاً إنهم يقبعون في الدفاعات الأماميّة، ويُعانون كثيراً كلما تعرّض أحدهم لإصابة، إذ لا يوجد مسعفون في الميادين ولا سيارات إسعاف، ما يضطرّهم إلى البحث عن درداقة لحمل المصاب إلى المستشفى السعودي، وهو الوحيد الذي ما زال يقدّم خدماته بالفاشر. وكثيراً ما يُفارق معظم المصابين الحياة بسبب النزف الحادّ وسُمِّية القذائف، وفي حال نجا أحدهم حتى الوصول إلى المستشفى، فإنّ شحّ الأدوية وارتفاع أسعار المتوفّر منها يُضاعف معاناته.
وقال جندي آخر بالجيش السوداني، في حديثه لـ «أتَـر»، إنّه يصرف راتبه عبر تطبيق بنكك، وهو ينحسر إلى نصفه أثناء التبديل بسبب انعدام النقد، والمبلغ المتبقّي لا يكفي لقضاء جميع حوائجه، مضيفاً أنه يضطرّ للاستئذان والغياب لنحو ستة أيام للبحث عن نقد عند تجّار العملة.
لكن رغم ضيق الوضع والحصار، إلا أن أهل المدينة من مواطنين وجنود أصبحوا أكثر اتحاداً من ذي قبل، إذ تجدهم يتقاسمون حتى لقمة العيش. لكن يبقى الهم الأكبر لكلّ منهم هو عائلته التي تنتظر الراتب مطلع كلّ شهر لتشتري به وجبة واحدة فقط يومياً مع ارتفاع الأسعار.
محاولات للفرار من الجحيم
تحدّث شهود عيان بمنطقة «طويلة» عن قدوم عدد من النازحين سيراً على الأقدام من الفاشر في ظروف قاسية، بينما يطاردهم أفراد الدعم السريع. وقالت نازحة، إنهم تعرّضوا لإطلاق نار كثيف من الدعم السريع أثناء سيرهم، وبعضهم استطاع الوصول إلى محلّية طويلة وبعضهم الآخر ضاع في الطريق.
وظهرت ڤيديوهات على فيسبوك لقوات الدعم السريع، ألقت فيها القبض على مزارعين فارّين من جحيم الفاشر إلى المناطق الجنوبية للمدينة، فاختطفتهم بعد ضربهم وإهانتهم بتهمة تهريب السلع إلى الفاشر.
وقد أفاد شهود عيان أيضاً، من قرى محلّية كلمندو، بأنّ قوات الدعم السريع هاجمت مناطقهم بحثاً عن مُهرّبي السلع إلى مدينة الفاشر، وقتلت شابّاً من قرية عِدّ البيضة جنوب شرق الفاشر، بتهمة التخابر مع الجيش السوداني؛ كما طفقت تبحث عن آخرين مُتّهمين بتهريب المواد التموينية، وحثّت السكان على قتل كُلِّ من يُحاول تهريب السلع إلى المدينة المحاصرة.
وقالت القوة المُحايدة لحماية المدنيّين في بيان لها في 5 أبريل، إنها مُلتزمة بنقل المدنيّين بالفاشر ومعسكر زمزم إلى مناطق سيطرتها بمحلية طويلة، بهدف إبعادهم عن مرمى النيران بالفاشر، بعد تكثيف هجمات الدعم السريع على معسكر زمزم للنازحين. قُوبل البيان بالرفض من سكّان الفاشر ومعسكر زمزم، لكن القوات وفَّرت جرّاراتٍ لنقلهم، وأجْلَتْ أوَّلَ فوج من المغادرين إلى طويلة تحت حماية قوة حماية المدنيّين و«بعلم وتنسيق مع قوات تحالف «تأسيس»؛ بينما تعرَّض الفوج الثاني لكمين محكم من قوات الدعم السريع نفسها بمنطقة كويم غربي الفاشر، راح على إثره عشرات القتلى والجرحى من القوة وفرار المواطنين في الطريق والقبض على بعضهم». وبحسب إفادة أحد الناجين، فإنّ الدعم السريع اختطفت بعضَهم بتهمة قتل اللواء علي يعقوب بالفاشر.
القوة المحايدة لحماية المدنيين هي تحالف عسكري بين حركة جيش تحرير السودان (عبد الواحد نور) وتجمع قوى تحرير السودان، بقيادة الطاهر حجر. أُسست في مناطق سيطرة الطرفين في طويلة أواخر سبتمبر 2024، بهدف حماية المدنيين والمنظمات الإنسانية والعاملين بها وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية، وتأمين القوافل الإنسانية والتجارية.
وجاء في بيان تأسيس القوة أنها «تلتزم الحياد التام والوقوف على مسافة متساوية من طرفي الحرب». رغم ذلك، انضم الطاهر حجر في فبراير الماضي إلى تحالف «تأسيس» بقيادة الدعم السريع. وفي بيانها السابق ذكره، قالت القوة المحايدة لحماية المدنيين إنها «تدين بأغلظ العبارات ما بدر من رفاقنا في قوات الدعم السريع وتطالب بتحقيق عادل لما حدث في منطقة كويم».
وبحسب مصادر محليّة، هاجمت الدعم السريع، وأحرقت وهجّرت قُرىً أخرى تقع على طريق محلية كلمندو، وهو آخر طريق، إضافة إلى طريق دار السلام الفاشر، يَربط المدينة بمناطق مفتوحة لنقل السلع إلى داخلها، لتَعيش بعد ذلك حالة عزلة غير مسبوقة.
تقطَّعت سبل الحياة
يعمل محمد أحمد خفيراً بمنظمة في الفاشر، تقطَّعت به السبل منذ يناير الماضي بالمدينة، بعد عجزه عن مغادرتها إلى قريته جراء قصف قوات الدعم السريع معسكر زمزم للنازحين وقطع الطريق بين الفاشر ومعسكر زمزم، والذي أدّى بدَوره إلى قطع الطريق الجنوبي الذي يربط الفاشر بالمحليات الجنوبية، التي مثلت شرياناً لتوفير السلع التموينية والدواء، بعد محاصرة المدينة من قِبل قوات الدعم السريع.
أخبر محمد مراسل «أتَـر»، عن سوء الأوضاع الإنسانية داخل مدينة الفاشر، بعد إطباق الحصار عليها، إذ قال إنّ السلع التموينية في حالة ندرة غير مسبوقة، مع انعدام كثيرٍ من السلع التي تُعَدُّ ضرورية أيضاً، مثل المكرونة. وأضاف أنه حتى إذا توفرت هذه السلع، فلا أحد يستطيع شراءها لارتفاع أسعارها. لذلك اكتفوا بشراء السلع المتوفرة لسدِّ الجوع فقط. إلى هذا، يكتفي محمد بشراء كيلة دخن كلّ بضعة أيام، كما يشتري (ربع صابونة غسيل) لأنّ سعر القطعة الكاملة بلغ 7 آلاف جنيه سوداني.
أما عبد الله، فتحدّث عن حاله الذي اعتبره أفضل من حال صديقه محمد، وقال لـ «أتَـر»، إن لديهم مخزوناً قليلاً من الفول المصري مع الخبز الناشف، وأضاف أنهم في بداية الأمر كانوا يأكلون ببذخ، لكن مع اشتداد الحصار وازدياد الضيق أصبحوا يُقلِّلون من مقدار الوجبة لضمان بقاء مخزونهم لأطول فترة ممكنة.
جرَّاء تداعيات هذه الضائقة، أصدر والي شمال دارفور المُكلَّف، الحافظ بخيت، قراراً يقضي بتحديد سعر خصم 10% لتبديل كاش ببنكك. وفرَض عقوبة تصل إلى المحاكمة العسكرية لكلّ من لم يطبّق القرار.
وأضاف عبد الله: «بعد سوء الأوضاع، حاولتُ عدّة مراتٍ الخروج من الفاشر إلى إحدى المحلّيات القريبة، لكن فشلت محاولاتي بعد إحكام قوات الدعم السريع الحصار على طريق دار السلام الفاشر عبر معسكر زمزم». يَعتقد عبد الله أنه ومن هُم داخل المدينة ما عليهم سوى انتظار مصيرهم، الذي رهَنه بفكّ الحصار بمساعدة المتحرّكات القادمة أو الموت جوعاً بعد نفاد المخزون داخل المدينة.
وقد ارتفعت أسعار السلع التموينية داخل مدينة الفاشر ارتفاعاً حادّاً، لدرجة أن عدداً معتبراً من الذين مكثوا هناك لا يستطيعون شراءها، بحسب إفادات بعض سكّان المدينة. ووصل سعر رطل السكر إلى 8000 جنيه، ورطل الملح 6000 جنيه، وزجاجة الزيت 4500 جنيه، وكيلو اللحم 12000 جنيه، وصابونة الغسيل 7000 جنيه، وكيلة الدخن (الربع) 36000 جنيه، وثلاث قطع خبز 1000 جنيه، وبرميل الماء 3000 جنيه سوداني. يأتي كل هذا مقروناً بأزمة كاش غير مسبوقة، أدت إلى توقّف أكثر من 5 تكايا عن تقديم الوجبات للنازحين بمراكز الإيواء، وهي التي ترفع عبء الغذاء عن الفارّين من مرمى النيران بمختلف أحياء المدينة، ما أثار سخطاً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط مُناشدات من السكّان لقيادة الجيش السوداني ومتحرّكات القوة المشتركة أن تتقدّم لفكِّ الحصار عن المدينة.
وجرَّاء تداعيات هذه الضائقة، أصدر والي شمال دارفور المُكلَّف، الحافظ بخيت، قراراً يقضي بتحديد سعر خصم 10% لتبديل كاش ببنكك. وفرَض عقوبة تصل إلى المحاكمة العسكرية لكلّ من لم يطبّق القرار؛ الذي وجَد ترحيباً واسعاً من المواطنين داخل المدينة وخارجها.
أحمد الفاتح، أحد سكّان الفاشر، قال إنّ المدينة شهدت انخفاضاً محدوداً في بعض الأسعار، لكن قرار الوالي المكلّف انعكس سلباً منذ اليوم الثاني، إذ اختفى تجّار العملة، وأصبح الجميع يَبحثون عن الكاش حتى بنفس سعر الخصم القديم ولا يجدونه. وأضاف أنّ الوالي تعجّل في هذا القرار، لأنّ الأزمة لا تكمن في ارتفاع سعر الخصم أو شحِّ السلع، بل في الذين يتاجرون بالكاش الذي يصل إلى المدينة عبر الإسقاط الجوي لتغطية رواتب جنود القوات المسلحة، مُضيفاً أنّ هذه الرواتب تصل إلى السوق نقداً، وتُباع لتجار العملة بأسعار عالية، فيضطرون إلى وضع أرباحهم.
منذ إطلاق الرصاصة الأولى في حرب 15 أبريل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع بمقارّ الجيش والدعم السريع شمال غرب الفاشر، أُغلق طريق الإنقاذ الغربي الذي يربط العاصمة الخرطوم بإقليم دارفور عبر كردفان الكبرى، وهو أهمّ الطرق التي ترفد الإقليم بالسلع والمواد التموينية والدواء، ليَفتح بعد ذلك طريق ملّيط بديلاً. فعاشت المدينة حالة رخاء واسعة مع انسياب السلع المصرية والليبية والسودانية من ملّيط، فضلاً عن وفرة الوقود وغاز الطهي المستوردَيْن من تشاد. استمرَّ هذا الرخاء إلى أن سقطت مدينة ملّيط في أيدي قوات الدعم السريع، وقُطع الطريق، ليحلّ محله طريق خزّان جديد الذي يربط الولاية الشمالية بولايات دارفور. ومع استمرار الحرب أصبح المدنيّون في كلّ مرة يفتحون طرقاً جديدة لتوفير السلع، لتُغلقها قوات الدعم السريع بعد حين، وهكذا حتى اكتمل حصار الفاشر من جميع الاتجاهات منذ يناير الماضي، بعد هجومٍ بَرّيّ شنَّته على معسكر زمزم للنازحين، وقطعت طريق الفاشر زمزم، وقبله مناطق ريفي الفاشر الغربية التي تربط بين الفاشر وجبل مَرّة عبر محليّة طويلة. على إثر ذلك، توقّف الدعم اللوجستي للمدينة بعد قطع هذا الطريق، وفي يناير هاجمت قوات الدعم السريع أكثر من 60 قرية جنوب الفاشر لقطع طريق دار السلام الفاشر الذي يربط الفاشر بخزّان جديد عبر دار السلام.
المستشفى السعودي
متحّدثاً لـ «أتَـر» بشأن الوضع الصحي، قال حسن، وهو كادر طبي بالمستشفى السعودي، إنه في حالة انهيار تامّ، وإنّ المخزون من أدوية الأمراض المزمنة وأدوية بعض أمراض الباطنية على وشك النفاد، وإنّ أدوية الجراحة والعمليات الصغيرة والمحاليل الوريدية متوفّرة لكن بكميات شحيحة، ولا تسدّ حاجة 20% من الاحتياطي. وأشار حسن إلى أنّ مشكلات الفاشر مرتبطة ببعضها، فالحصار تسبّب في شحّ السلع والخدمات وتفشّي الجوع وأمراض أخرى، و«المستشفى يعمل بأضعاف طاقته، لدرجة أنّ الكادر أصبح منهكاً من كثرة ورود الإصابات في مثل هذه الظروف القاسية، هذا فضلاً عن انقطاع التيار الكهربائي بسبب شُحّ الوقود وأزمة المياه». يقول حسن، ومن ثم يضيف: «يتكدّس الناس في أماكن محدّدة، ما يحدّ من القدرة تقديم الخدمات الطبية على نحو سلس، وتكمن المشكلة الحقيقية في تردّي الوضع البيئي داخل المستشفى، ما أسهم في تفشّي أمراض أخرى بينما يلهث الجميع لتغطية حاجة المستشفى وخدمة المصابين».